قيل عن "دون كيشوت" سرفانتس إنه نقد للنبالة الإقطاعية التي كانت منهارة إذ ذاك. والحق أن مداه أبعد من ذلك بكثير. فهو الإنسان الذي يخلع صورته الموروثة عن العصر الوسيط والتي صارت كاريكاتورية، ويعد ذاته لصورة أخرى هي التي سيكون عليها في العصور الحديثة. فما صورة الإنسان التي يلاشيها دون كيشوت اليوم؟ وما يمكن أن تكون صورة الإنسان الغد؟...
قراءة الكل
قيل عن "دون كيشوت" سرفانتس إنه نقد للنبالة الإقطاعية التي كانت منهارة إذ ذاك. والحق أن مداه أبعد من ذلك بكثير. فهو الإنسان الذي يخلع صورته الموروثة عن العصر الوسيط والتي صارت كاريكاتورية، ويعد ذاته لصورة أخرى هي التي سيكون عليها في العصور الحديثة. فما صورة الإنسان التي يلاشيها دون كيشوت اليوم؟ وما يمكن أن تكون صورة الإنسان الغد؟ ذلكم هو فيما يبدو سؤال جرهان جرين في هذه الرواية، ومن الجواب على هذا السؤال تستمد الرواية معناها، قيمتها ومنزلتها بين روايات الروائي الإنكليزي المعروف.كان دون كيشوت الأول نبيلاً، ودون كيشوت اليوم سيكون كاهناً، رحلاته إلى المزارات الدينية المعروفة والكثيرة في إسبانيا وتجواله بينها وحواراته مع أهلها تتجاوز في الواقع رجل الدين لتطل على إنسان اليوم الذي هو في طريقه إلى الحداثة.لقد قامت في إسبانيا وغيرها محاولات كثيرة حديثة لاستعادة دون كيشوت القرن السادس عشر بآخر هو من القرن العشرين، ومنها محاولة أونانونو التي سبق ونشرتها الوزارة. فهل تمكن جرهام جرين أو أونامونو وغيرهما من الارتفاع كل منهم بدون كيشوته إلى مستوى دون كيشوت سرفانتس؟هذا السؤال هو الذي سيسأله قارئ هذه الرواية وغيرها من محاولات الاستعادة التي أشرفا إليها وعليه هو أن يجيب عنه.