هو ضمن سلسلة "إضاءات" وقد بدأت بها منذ عدة سنوات خلت، وقد صدر منها ما يزيد على اثني عشر سفرًا، في مختلف العلوم والآداب وصنوف المعرفة والثقافة.وما دعاني أن أطرق هذا الباب (شعراء الواحدة)، ندرة الموضوع وطرافته وبديعه، وكان اصحابه أفذاذًا ولامعين وموهوبين ومتفوّقين، وجودة أعمالهم وأهدافهم وعيشهم وأساليبهم وتضحياتهم وعزّهم وكبريائهم...
قراءة الكل
هو ضمن سلسلة "إضاءات" وقد بدأت بها منذ عدة سنوات خلت، وقد صدر منها ما يزيد على اثني عشر سفرًا، في مختلف العلوم والآداب وصنوف المعرفة والثقافة.وما دعاني أن أطرق هذا الباب (شعراء الواحدة)، ندرة الموضوع وطرافته وبديعه، وكان اصحابه أفذاذًا ولامعين وموهوبين ومتفوّقين، وجودة أعمالهم وأهدافهم وعيشهم وأساليبهم وتضحياتهم وعزّهم وكبريائهم، فقد امتازوا وبرعوا وتألّقوا في هذه الأعمال، والتي يندر الإتيان بمثلها، حسنًا وجمالاً وإبداعًا ونهجًا.وعلى الرغم من قدم المدة التي قيل بعضها فيها، منذ عصور الأدب العربي المتقدمة، إلاّ أنّنا ما زلنا نرى الأعداد الكبيرة من الناس، أدباء وكتابًا ومثقّفين وغيرهم، تجري على ألسنتهم وعقولهم وأقلامهم، هذه الأعمال الرائعة، ذاكرين أصحابها الفحول الكبار.ولا يخفى على أحد أنّهم أثروا المكتبة العربية والإسلامية بنتاجهم الباهر من أدب رفيع وشعر بديع. وتعتبر أعمالهم الخالدة، جانبًا مضيئًا وصفحة مشرقة في وجه الأدب العربي، ولغتنا العربية الجميلة والأصيلة.وقد تناول شعراء الواحدة في أشعارهم معظم أغراض الشعر العربي المعروفة من:مدح وفخر وهجاء وذم وعتاب واعتذار، ووصف وحِكَم وأمثال، وغزل ونسيب وتشبيب ورثاء، وقد أجادوا في كلّ هذا وذاك.إنّ الإنسان ليدهش وهو يقرأ ويحس هذه الصور الجمالية، الزائدة في الحسن والجمال، فمثلاً أحد شعراء الواحدة وهو (لسان الدين بن الخطيب) جمع في شعره بين الصور المادية والصور الحسية، بعبارة جميلة، وأسلوب جميل:انظر قوله:جادك الغيثُ إذا الغيث همى Â Â Â Â Â Â يا زمانَ الوصل بالأندلسلم يكن وصلُك إلاّ حُلُمًا Â Â Â Â Â Â Â Â في الكرى أو خِلسة المختلسوالحيا قد جلّل الرّوض سنى Â Â Â Â Â Â فثغورُ الزهر فيه تبسموتطرّق نفر منهم لفن الرثاء في بعض أشعارهم فبلغ الذروة في هذا المجال، وقد أصاب الحزن والحسرة والألم الكثيرين ممّن تداعبهم نسمات الشعر الأصيل، فيعيشون صوره وأحاسيسه وأخيلته وألوانه وحسنه وبهاءه ومن هؤلاء الشعراء، أبو الحسن الأنباري، وقد رثى الوزير ابن بقية، بقصيدة تدلّ على شاعرية لا يملكها غير الفحول من الشعراء. وقد نظمها بالشعر السهل الممتنع وتعتبر من الشعر العربي الخالد.وجاء في بعض أبياتها قوله:علوٌّ في الحياةِ وفي المماتِ Â Â Â Â Â Â لحق أنت إحدى المعجزاتكأن الناس حولك حين قاموا Â Â Â Â Â Â وفود نداكَ أيام الصلاتعليل باطن لك في فؤادي Â Â Â Â Â Â Â يخفف بالدموع الجارياتوتحدثت في صدر كتابي آنف الذكر، عن الأدب العربي الرفيع وشعره البديع، بشيء من الإيجاز كمدخل لكتابي: "شعراء الواحدة". ثم أفردت الحديث عن شعراء الواحدة:ما المقصود بشعراء الواحدة؟ ولماذا ظفروا بهذا اللقب الفريد؟ وما أهم أعمالهم؟ وما هي واحدة كل منهم؟ ولماذا استحقّت وبجدارة هذه الألمعية الباهرة، والتي جعلت صاحبها من شعراء الواحدة. وذكرت على سبيل المثال لا الحصر، عددًا منهم:ـ الشنفرى الأزدي.ـ تأبّط شرًّا.ـ مالك بن الريب.ـ ديك الجن.ـ الفارعة.ـ ابن سناء الملك.ـ قطري بن الفجاءة.وتحدّثت بإسهاب عن معظم شعراء الواحدة، فتناولت في حديثي عن كل شاعر منهم ما يلي:ـ السيرة الذاتية.ـ واحدته: فذكرت معظم أبياتها والتي جادت بها قريحة صاحبها.ـ معاني المفردات، وشرح بعض الأبيات، مع إعراب بعض الكلمات.وقد استعنت في كتابي هذا بالعديد من المصادر والمراجع، وبعض الأعمال النفيسة للأعلام وأصحاب النهى والمعارف، الذين طرقوا هذا الباب (شعراء الواحدة).ومنهم ابن خلّكان صاحب "وفيات الأعيان"، والدكتور عمر فروخ صاحب "تاريخ الأدب العربي" وصاحب »شذرات الذهب«، ونعمان ماهر وغيرهم.وإنّني لا أنكر عظم أعمالهم وجودتها ونفعها، وجزاهم الله عنا الخير كلّ الخير وحسن الجزاء.ولقد بذلت قصارى جهدي وعلمي المتواضع لكي يظهر كتابي هذا بالمظهر الذي أريده له، كمًّا ونوعًا وأسلوبًا وفائدة. وقد حمل بين ثناياه الكثير من الأدب الجيّد والشعر البديع والعلم والمعرفة وغيرها، وخاصة فيما يتعلّق بمدار حديثنا في كتابنا (شعراء الواحدة وأعمالهم الخالدة).وأطلب من الله عزّ وجلّ أن يلاقي كتابي ما لاقته كتب لي عديدة سبقته تجاوزت خمسة وعشرين سفرًا في مختلف الفنون والمعارف والثقافة في:ـ الثقافة الإسلامية.ـ اللغة العربية وآدابها وفنونها؛ كنحوها وصرفها وشعرها وبلاغتها وغيرها.ـ وبعض المواضيع الأخرى العديدة.والله الموفق والناصر والمعين.المؤلف