يقول عمر الفرّا بأن هذه القصيدة رسالة أملتها عليها أم غاب ولدها الوحيد الغائب: "اكتب سلامي... أوَّلاً، واكتب حنيني... ثانياً، واكتب. تسع تشهر حملتك جوّا... جوّا حْشاي، تسع تشهر... وْانِت جار القلب جيران أعز جيران. تشع تشهر وانت تكبر وانا أكبر... واحس الدنيا من حولي غدت أكبر. تسع تشهر أقومَ الليل نُصَّ الليل، أصحى من الفجر: أَدعي...
قراءة الكل
يقول عمر الفرّا بأن هذه القصيدة رسالة أملتها عليها أم غاب ولدها الوحيد الغائب: "اكتب سلامي... أوَّلاً، واكتب حنيني... ثانياً، واكتب. تسع تشهر حملتك جوّا... جوّا حْشاي، تسع تشهر... وْانِت جار القلب جيران أعز جيران. تشع تشهر وانت تكبر وانا أكبر... واحس الدنيا من حولي غدت أكبر. تسع تشهر أقومَ الليل نُصَّ الليل، أصحى من الفجر: أَدعي: إلهي... لا تخِيِّبني، إلهي... لا تعذبني، إلهي... ارأف بحالي، إلهي... إبعثِ الغالي أَربِّيه بدمع عيني وحق اسمك. يا كل شبر بْنِذِرْ لَـ الله، تسع تشهر بحياتي ما شفت أطول عليَّ مع تسع تشهر، واشوفك بالحلم... تمشي، على روحي... على رمشي. أشوفك... تحمل بنعشي. أشوفك تقرا بكتابك، أشوفك سيّد صحابك، أشوفك جاي تتمختر مثل عنتر... لا مو مثل عنتر، انت أحلى... وانت أكبر. انت مثل القمر لمّا بنصّ أياموا... يِتْدَّوَّرْ، أحسّ بْمَلْمَلَهْ منك، على روحي تداعبني، أطير من الفرح لمّا على روحي تداعبني تدري شلون؟؟ ما ادري مِش اصوِّرْها رهن مني... ولا راجِلْ يحِسّ بنشوة الحامل، يحس برعشة الحامل حين اللي جَنينَ القَلُبْ يتململ ولا راجِلْ، خطري الليله أبعثلك... حنين أمّكْ، حنين اللي سرى دمها بشرايينك... وأصبح يُعْتَبَرْ دَمَّك، عساك انّكْ تخبرين عن اخبارَكْ أخفف عالبُعْدْ همَّك. لَوِنْ بيدي زرعت اللهفة بعيونك... عساك تفكر بأمك!! تعا يَمِّي دَخيل عْيُونَكْ الحلوه. ذبحني الشوق... أحب عِينَكْ، أحب روحك، أحب قلبك. تعا يَمِّي تراني الليله مشتاقهْ مثل ما ضَيَّعَتْ... ناقهْ ابنها وتبكي لفراقه. بنهايتها لكل واحد عشق عينك تحياتي تحياتي. وحين اللي انتهينا من كتابتها خَذَت مِنّي رسالتها، ضَمَّتها على الجنبين باسَتْها ورَمَتْها بَرَّا ياخُذْها هُبوبَ الرِّيح وقالت: الليله توصَلُّو. وبكت... وتنهدت صاحَتْ. وحين اللي... غدت غابت، قالولي... جميع النّاس: مسكينه مَضَّتْ... هالعُمُرْ عاقِرْ... ولا حِبْلتْ... ولا جَابَتْ!!.."تغيب موسيقى تلك القصيدة في داخلك وكأنها معزوفة القلب الموجع، والأحلام الآفلة، والآمال الخادعة. قصة عذاب يداعب عمر الفرّا على أوتار سليقته الشعرية الرائعة، فتنساب عباراتها البدوية تلقائية ولكنها ذاك السهل الممتنع من الكلام. تستحيل تلك العبارات معاني، تستحيل أنهاراً، وشلالات معاناة مكتومة، على أعتاب أمومة موهومة، وعلى أعتاب قصة حمده، وعلى أعتاب قصص، وسوالف أخرى تتفجر قصائده مترفة بالمعاني المفعمة بأصدق المشاعر، وأعمق الأحاسيس، التي تشي بعفوية ذاك البدوي المبعد عن كل زيف.