ذات يوم زارني في مكتبي بمجلة الدعوة الأستاذ عصام غازي مندوب جريدة الشرق الأوسط في القاهرة، وتحدث معي في كتابة مذكراتي، فكان جوابي أنني لا أستطيع كتابة مذكرات صحيحة مطابقة للواقع، لأن مرجعي سلب من بين يدي، ولكني إذا كتبت فسأكتب ذكرياتي، أي ما يعلق بذهني مما مر بي في حياتي، ومن المقطوع به أن الذاكرة ليست العماد الراسخ في سرد الأحد...
قراءة الكل
ذات يوم زارني في مكتبي بمجلة الدعوة الأستاذ عصام غازي مندوب جريدة الشرق الأوسط في القاهرة، وتحدث معي في كتابة مذكراتي، فكان جوابي أنني لا أستطيع كتابة مذكرات صحيحة مطابقة للواقع، لأن مرجعي سلب من بين يدي، ولكني إذا كتبت فسأكتب ذكرياتي، أي ما يعلق بذهني مما مر بي في حياتي، ومن المقطوع به أن الذاكرة ليست العماد الراسخ في سرد الأحداث، لأنها عرضة للخطأ حينًا وللنسيان أحيانًا، فقبل الرجل متفضلًا، ولما كنت أعرف أن مثل هذا العمل يأخذ صاحبه مقابلًا ماديًا، ولما كنت لا أريد أن أنزل بذكرياتي إلى سوق المزايدة، فاشترطت على المندوب أن يوضح توضيحًا تامًا، أن ما أكتبه لم أتناول عليه ثمنًا، لأنه تاريخ، والتاريخ لا ينزل إلى عالم البيع والشراء، لأنه ليس ملكًا لفرد ولكنه حق أجيال قادمة، لزامًا علينا أن ننير لها الطريق في إباء الصدق وشمم الصراحة اللائق بكل من يتعرض لمثل هذه الأمور، ولرغبتي الصادقة في تصحيح الخطأ، والتذكير بما نسيت، شاكرًا راضيًا.وقيل الرجل، وأقدمت على التدوين معتمدًا على صاحب الفضل الأول والأخير جل جلاله، معتصرًا لذاكرة باضت عليها طيور الزمن، وسكنها صغار الطير يرزقها الله إذ تغدو خماصًا وتروح بطانًا.