مر القضاء الدولى فى تطوره بعدة مراحل ، وكانت كل مرحلة من هذه المراحل انعكاساً لظروف معينة ، وتأثيرات قوى معينة ، فقد وصفت محاكمات ليبزج ونورمبرج وطوكيو بأنها محاكمات المنتصرين للمهزومين ، باعتبار أن هذه المحاكمات لم تجر إلا بقرار من الدول المنتصرة فى الحرب ولم تطل إلا قادة الدولة المنهزمة فيها . ناهيك عن ان الصفة المميزة لهذه ال...
قراءة الكل
مر القضاء الدولى فى تطوره بعدة مراحل ، وكانت كل مرحلة من هذه المراحل انعكاساً لظروف معينة ، وتأثيرات قوى معينة ، فقد وصفت محاكمات ليبزج ونورمبرج وطوكيو بأنها محاكمات المنتصرين للمهزومين ، باعتبار أن هذه المحاكمات لم تجر إلا بقرار من الدول المنتصرة فى الحرب ولم تطل إلا قادة الدولة المنهزمة فيها . ناهيك عن ان الصفة المميزة لهذه المحاكمات كانت صفة التأقيت .ومنذ نشأة الأمم المتحدة وجهود دعاة السلام والشرعية الدولية تتكاتف من أجل إقامة قضاء جنائى دولى دائم تخضع له كل الدول الأعضاء فى المجتمع الدولى باعتبار ان إقامة مثل هذا القضاء أمر لا غنى عنه لتحقيق الشرعية الدولية وحمايتها .وقابل هذه الجهود ، جهود أخرى ولكن فى اتجاه معاكس ، باتجاه إفشال أى مشروع لإقامة مثل هذا القضاء ربما لأنها كانت تخشى من خضوع سياستها وقادتها لسلطانه .لقد أهتم ذلك الكتاب باستعراض للجوانب القانونية للمحكمة الجنائية الدولية والتأثيرات والضغوط السياسية التى يمكن أن تمارس على هذه المحكمة ، لاسيما و أن طبيعة عمل هذه المحكمة يفسح المجال بالضرورة أمام تدخل الاعتبارات السياسية ، حيث اختار المؤلف عنوان ( القضاء الجنائى الدولى فى عالم متغير ) لكى ندلل على أن عمل هذه المحكمة محكوم لاعتبارات السياسية على خلاف القضاء الوطنى الذى يعمل فى ظل مبدأ ( القضاء مستقل لا سلطان عليه لغير القانون ) .