إن قانون العمل، هو قانون حديث في المجتمع الإنساني، ارتبط ظهوره في الثورة الصناعية التي حدثت في أوروبا، وما رافقها من تطورات سياسية واقتصادية واجتماعية، أدت إلى الحاق الظلم بالطبقة العاملة التي كانت مضطرة إلى العمل لدى أصحاب رؤوس الأموال بظروف غير إنسانية، وبالتالي فقد كانت العلاقة القانونية التي تربط هذه الطبقة بطبقة أصحاب رؤوس ...
قراءة الكل
إن قانون العمل، هو قانون حديث في المجتمع الإنساني، ارتبط ظهوره في الثورة الصناعية التي حدثت في أوروبا، وما رافقها من تطورات سياسية واقتصادية واجتماعية، أدت إلى الحاق الظلم بالطبقة العاملة التي كانت مضطرة إلى العمل لدى أصحاب رؤوس الأموال بظروف غير إنسانية، وبالتالي فقد كانت العلاقة القانونية التي تربط هذه الطبقة بطبقة أصحاب رؤوس الأموال علاقة غير متوازنة كونها كانت تميل لصالح أصحاب العمل على حساب الطبقة العاملة.فجاء قانون العمل لينظم هذه العلاقة ويحقق التوازن بين مصالح الطرفين، ويتضمن الحد الأدنى لحقوق الطبقة العاملة الذي لا يجوز النزول عنه، ولما كنا في الأردن قد شهدنا تطوراً صناعياً وسياسياً وإجتماعياً واضحاً منذ النصف الثاني من هذا القرن.فقد برزت الحاجة إلى اصدار قانون عمل شامل ينظم علاقة العمل بين طرفيها، العمال وأصحاب العمل - فكان أن صدر قانون العمل رقم (21) لسنة 1960- والذي لحقته الكثير من التعديلات لمواكبة المستجدات، ولكن وجد أن لا بد من إصدار قانون جديد يحل محله لسد الثغرات التي كانت موجودة في ذلك القانون، ويعطي للطبقة العاملة المتعاظم دورها في المجتمع الأردني حقوقا ومزايا أكثر مما كان يوفره لها ذلك القانون، وليواجه الحاجات الاجتماعية التي برزت في نطاق العمل بفضل التطور الكبير الذي يشهده هذا البلد وهكذا صدر قانون العمل الجديد رقم (8) لسنة 1996 الذي تضمن الكثير من الايجابيات في هذا الصدد.وهذا الكتاب يهم الباحثين ورجال القانون وطلبة كليات الحقوق؛ أما بخصوص خطة الدراسة، لهذا المؤلف، فسنقوم في باب أول بالبحث في النظرية العامة لقانون العمل، وما تتضمنه من دراسة لطبيعة هذا القانون، ومصادره ونطاق تطبيقه.وحيث أن مناط قانون العمل هو تنظيم علاقة العمل الفردية، وكذلك علاقة العمل الجماعية، وحيث أن علاقة العمل الفردية التي تربط العامل بصاحب العمل، قوامها عقد العمل الفردي، فإننا سنبحث في باب ثانٍ عقد العمل الفردي من حيث إنعقاده وإلتزامات طرفيه ثم إنتهائه.كما أنه وحيث أن علاقة العمل بالإضافة إلى وجوب إنتظامها في علاقة عمل فردية، قد تنظم فوق ذلك في علاقة عمل جماعية - كما لو دخلت نقابة العمال أو مجموعة منهم مع صاحب العمل أو مع جمعية أصحاب عمل في عقد جماعي، مكمل أو معدل للعقود الفردية - فإننا سنبحث أيضاً في عقد العمل الجماعي في إطار باب ثالث، نبحث فيه الطبيعة القانونية لهذا العقد ثم في إنعقاده وآثاره وكذلك النزاعات العمالية الجماعية، ووسائل تسويتها.