إن الانتخابات التشريعية المنتجة برلمانات ليست قديمة العهد في كل البلاد العربية. فهي ظاهرة جديدة في بعض دول الخليج العربي كالبحرين وقطر، وهي ظاهرة متقطعة تاريخياً في المشرق والمغرب العربيين بسبب الانقلابات العسكرية وقوانين الطوارئ، أو بسبب الأزمات السياسية والتذرع بالحروب كما في العراق والكويت وسوريا والأردن ولبنان ومصر والجزائر....
قراءة الكل
إن الانتخابات التشريعية المنتجة برلمانات ليست قديمة العهد في كل البلاد العربية. فهي ظاهرة جديدة في بعض دول الخليج العربي كالبحرين وقطر، وهي ظاهرة متقطعة تاريخياً في المشرق والمغرب العربيين بسبب الانقلابات العسكرية وقوانين الطوارئ، أو بسبب الأزمات السياسية والتذرع بالحروب كما في العراق والكويت وسوريا والأردن ولبنان ومصر والجزائر. كما أنها جرت وتجري في الكثير من الأحيان من دون حياة حزبية حقيقية، أو من دون مشاركة النساء فيها. لا تعدّ الانتخابات في العالم العربي حتى يومنا استحقاقاً حاسماً لتشكيل النخب السياسية وتجديدها، ولتمثيل التيارات المختلفة وإنتاج أكثريات وأقليات فعلية تحكم خلال ولاية المجلس المنتخب. كما أن سيطرة السلطة التنفيذية على الحياة السياسية في معظم الدول العربية، وغياب مفهومي المساءلة والمراقبة، يهمشان المجالس التشريعية المنتخبة ويلجمان من أهمية المشاركة فيها وتحويلها أداة تجديد للثقة بالقوى الحاكمة أو حجبها عنها. لكن الانتخابات التشريعية تبقى رغم ذلك استحقاقات مهمة وضرورية ينبغي الدفاع عن دوريتها، وتطوير الثقافة والسلوك المحيطين بها، واستغلالها لتقديم أفكار وبرامج سياسية جديدة، ومحاولة مصالحة فئات من المواطنين مع الحياة العامة ومع العمل السياسي الذي يشهد تراجعاً وانحساراً في دوائر الاهتمام انطلاقاً منها. يمكن القول إن أهم ما يتحكم بالسلوك الانتخابي في العالم العربي مرتبط بالانتماءات الأولية للناخبين. فالقبلية أو العشائرية أو العائلية أو الطائفية المندرجة جميعها تحت مظلة النظام الاجتماعي تحسم خيارات الناخبين في الكثير من الأحيان. كما أن البعد الخدمي في العلاقة مع المرشح، وقرب الأخير من السلطات ومراكز النفوذ يرجحان تصويت الناخب له أو لغيره. ويطرح هذا الأمر إحدى إشكاليات علاقة الناخب بالمرشح القائمة على الخدمة الشخصية أو على الاعتقاد بوجود هذه الخدمة أكثر منها على العلاقة بالشأن العام وعلى الكفاءة التشريعية والرقابية. يضاف الى ذلك، أن ازدياد انخراط المتمولين في الانتخابات وطموحهم السياسي المباشر أو من خلال دعم مرشحين مقرّبين بات يعطي المال والرشاوى بعداًَ مهماً في الانتخابات. وهو بعد قد يصير حاسماً حين تنتفي الرقابة على الإنفاق المالي، أو حين لا تحدد سقوف مالية للإنفاق الانتخابي.