إن الدارسين للإرادة العامة في البلاد العربية وبلاد العالم الثالث، في حاجة إلى التعرف على نماذج متعددة وأنماط مختلفة لأنظمة الإدارة العامة. أكثر من حاجتهم إلى معرفة مبادئ عامة تجريدية أو إلى الانغلاق على وصف ما هو كائن فعلاً في كل بلد من أنظمة حكومية. إن أنظمة الإدارة العامة في هذه البلاد. في حاجة إلى تعديلات وتطويرات كثيرة. لذا ...
قراءة الكل
إن الدارسين للإرادة العامة في البلاد العربية وبلاد العالم الثالث، في حاجة إلى التعرف على نماذج متعددة وأنماط مختلفة لأنظمة الإدارة العامة. أكثر من حاجتهم إلى معرفة مبادئ عامة تجريدية أو إلى الانغلاق على وصف ما هو كائن فعلاً في كل بلد من أنظمة حكومية. إن أنظمة الإدارة العامة في هذه البلاد. في حاجة إلى تعديلات وتطويرات كثيرة. لذا فإن الأمر الأكثر نفعاً للدارسين في هذه البلاد هو طرح بدائل مختلفة لأنظمة الإدارة العامة وتحليلها في إطار العوامل والظروف البيئية التي تؤثر على أدائها وممارساتها.ولا تتحقق الفائدة من دراسة بدائل مختلفة لأنظمة الإدارة العامة، ما لم يتم تناول هذه الأنظمة وبين الظروف البيئية المحيطة بها والمؤثرة عليها، ليستخلص من هذا كله الدروس المستفادة التي تمكن من تصمي أنظمة الإدارة العامة في البلد المعين بما يناسبه، وبما يجعل خبرات البلاد الأخرى تراثاً مفيداً وهادياً لممارساته.ويأخذ هذا الكتاب بفكرة الأنماط والنماذج البديلة هذه، لما يعتقده المؤلف في فائدة وجدوى المدخل البيئي المقارن لمعالجتها.والكتاب بهذا المضمون يزيد على مجرد "وجهة النظر" كثيراً، ويقل عن مستوى "النظرية" بعض الشيء. إنه اجتهاد في اتجاه معين يحاول إرساء قواعد منهج جديد لمعالجة موضوعات الإدارة العامة. وهو يستهدف من هذا إنزال بعض هذا الميدان الدراسي من برجه العاجي إلى واقع أنظمة الإدارة العامة المعاصرة في إطار الظروف البيئية التي ت عمل فيها، ويحاول إخراج البعض الآخر من هذا الميدان من قوقعة الانغلاق على نظام بعينه.وتعبر المحاولة التي يمثلها هذا الكتاب عن مفهوم تكون لدى المؤلف إبان دراسته في برنامج ماجستير الإدارة العامة في جامعة منيسوتا في الولايات المتحدة الأميركية، ثم تبلور واتخذ أبعاداً إضافية في مراحل الدراسة اللاحقة، ثم بعد عودة المؤلف إلى أرض الوطن في عام 1973.وهذا الجهد إذ يمثل محاولة أولية، فهو إذن قابل للتطوير والتحسين. فالمؤلف لا يدعى أن ما احتواه هذا الكتاب يمثل الكلمة النهائية في ميدان الدراسات البيئية المقارنة للإدارة العامة، أو يمثل عملاً يقرب من الكمال. لكنه يعتقد أن الأخذ بالمنهج المقارن يفتح آفاقاً أوسع لتقدم البحوث والدراسات في ميدان الإدارة العامة، بما يخدم بناء معرفة أكثر صدقاً وثراء عن أنظمة الإدارة الحكومية، وبما يرشد ويوجه الممارسة والتطبيق، في ميدان شديد الأهمية والخطورة في حياة المجتمعات، مثل هذا الميدان.