(حتمية الموت في قصص صور من احلام عليل))( .. ما اجمله من موت تشرق فيه الشموس ، جعلني اطلق الشهادة وبهدوء مفعم بالسعادة ) . هذا هو اخر ما كتبه العليل خلال تداعياته في انتصار الموت عليه (ص 20 ) في القصة الاولى التي جاءت المجموعة القصصة بأسمها ( صور من احلام عليل ) ل عدنان يعقوب القره غولي ( الصادرة عن دار الشؤون الثقافية العامة - ث...
قراءة الكل
(حتمية الموت في قصص صور من احلام عليل))( .. ما اجمله من موت تشرق فيه الشموس ، جعلني اطلق الشهادة وبهدوء مفعم بالسعادة ) . هذا هو اخر ما كتبه العليل خلال تداعياته في انتصار الموت عليه (ص 20 ) في القصة الاولى التي جاءت المجموعة القصصة بأسمها ( صور من احلام عليل ) ل عدنان يعقوب القره غولي ( الصادرة عن دار الشؤون الثقافية العامة - ثقافة ضد الحصار - بغداد 2002 ) و لم تكن هذه القصة الوحيدة التي التي استقدم الموت اليها ، بل قدم الى جميع قصص المجموعة – وعددها ست - الا ان القاص قد هيأالمواقف والصور التي يجيء فيه الموت عفويا وغير مقحم فقد جاء بعضها هروباً من معاناة جسدية او روحية واخرى بشكل طبيعي بل جاء في احداها بشكل ساخر فموت البطل ( العليل ) في القصة الاولى هو خلاص من مرض السرطان (( تنطلق من سريره في المستشفى رؤى ورؤيا تفضحها سطور اوراقه نشاهد فيها عبر احلامه وهذيانه المتموه بين الصحوة والحلم اشباحاً وامواتاً وذكريات ضبابية قديمة تترأى له حاضراً يكشفه الى طبيبه الذي استأنس به .. (يقول لي كلما وجدت ورقة من اوراقه : خذها فليس هناك من يهتم بها (ص 5 ) ).لقد تحول كل شيء في اسطره الى قبر: الاغصان والغرفة التي يرقد فيها. انه يتقبل الموت برحابة صدر يأسا من حالته التي اثقلت ذويه (ص17) فتمر ذكرى الموتى في احلامه وهواجسه : امه التي ماتت قبل عشر سنوات ( ص )13 ونهى التي انتحت ورمت نفسها في البحر (ص 14) ويراسل طالباً غادر الدنيا ليرثه مكتبته وقد اصيب بالسرطان وايضاً رحل وعمره سبعة عشر عاما ( ص16) وقد حملت هذه القصة صور انتقالية تتمخض في ايقاعها الداخلي معاناة المرض والجوع والموت البطيء .. اعتمدت القصة على راو مركزي هو الطبيب الذي هيمن على البنية السردية بوصفه سارداً وشاهداً ومعلقاً فبعد ان بين مجيئه الى السرير وقراءة اوراقه ، فوجيء بموته كما يصف : (صعقت ! لقد تركته يوم امس قلقاً عليه لكني توقعت ان يعيش اكثر من هذا ، انطلقت نحو سريره وجدته فارغا ( ص 19 ) .والمفارقة في هذه القصة ان مريضاً اخر يقدم يقدم الى نفس السرير ( كان لا يشبه سابقه الا في تتطابق عمريهما ويمتلكان ذات الملامح التي تطلقها وجوه السرطان ( ص 22 ) . وقد بدأ يكتب اوراقه بافراغ افكاره قبل موته ، ليكون للسرير والمرض باعثاً فكري لعليل اخر يوظف مشروعاً لموت جديد .اما الموت في قصة (( صوت من الظلام )) فلم يكن من نصيب البطل ( الطفل الاعمى ) بقدر ما هو ما اصاب من هم حوله ، فقد احترقت ابنة الجيران بعد شهرين من زواجها وقد كانت ترعاه وتدعو له ( ص 28 ) .. اذ كان يعيش معاناة ظلامه .. ولا سيما بعد فقد احبته ابيه ثم امه ( فوقفت وحيداً احارب الدنيا بلا سلاح سوى ثقوب الصفحات التي طعنها ابي ( ص 29 ) وقد قصد بالثقوب طريقة بريل . وقصة ( طرقات بعد الظهيرة ) عبارة عن لحضات ينجز فيها الاب بوجه جامد وعينين صامدتين نعشا لابنته التي تعاني ساعة الاحتضار الاخيرة ولم تنطق عيناه الا في اللحظة الاخيرة التي غادرت ابنته المنزل في نعشها الذي دق مساميره بيده ساعة احتضارها ص33 ) .( قوانين مندل ) على قانونه في الوراثة اذ فوجيء الاب الابيض ( كالجبن ) بولادة ابن اسود ( كالذبابة ) فصبر برغم المعاناة النفسية والاجتماعية متأملاً ان يكون ولده المقبل ابيض كالجبن لكنه فوجيء مرة اخرى بتؤامين اسودين ( اي ذبابتين ) فكانت النهاية الساخرة كما قال الابن الاول : ( فاكفهر وجه ابي وانزويت انا عند الجدار حيث وجدته يقترب مني حاملا ً مبيد الحشرات ( ص35 ) ).تلازمت موضوعة القصة الخامسة ( دكتور ) على شيئين لم ينفصلا من الولادة حتى الموت هما الاسم والصفة ) برغم انهما لم يلتقيا بشكل حقيقي وجدي وقد اعتمدت هذه القصة على مواقف ومفارقات طريفة ذات سمة ساخرة خرجت بايقاعها عن بقية القصص باسلوبها ولغتها الاستفزازية .. التي تجعل البطل في حالة تواطؤ مع الحدث وتقبل النتائج .. وهي سيرة ذاتية لاسم وكان موته طبيعياً لم يهتم لمسبباته او لمعاناة كانت من قبله .. اما اخر قصة النورس ) فموت بطلتها كان اختيارياً بصورة انتحار في البحر الذي احبته وانتظرت نوارسه التي عشقتها ..اعتمدت المجموعة على توظيف المصطلحات ( ادبية علمية وتاريحية معروفة ) ..( مسخ كافكا ، طريقة بريل ، قانون مندل ، جمال كليوبترا ) وقد تعددت اساليب الموت ما بين المرض والحرق والغرق ومبيد الحشرات وكذلك الاسباب المؤدية له : ( سرير المرض ، البحر ، النعش الشيخوخة ) فالموت هو السمة التي انتهت لها جميع قصص المجموعة .حميد عمران الشريفيمجلة صوت الطلبة العدد 690 في 25-1-2003