يتضمن هذا البحث ثلاثة أقسام وخاتمة جاءت على النحو التالي: يتناول القسم الأول محورية الشر في فلسفة ريكور ويتضمن أربعة فصول. الفصل الأول: بيّن فيه أصالة ريكور الفكرية، ثم عرضت الخطوط العريضة لفلسفته وذلك إنطلاقاً من تأثرة بالفلسفة الوجودية المسيحية، وبفينومينولوجيا هوسرل التي قادته إلى وضع مؤلفه الضخم فلسفة الإرادة، وصولاً إلى طرح...
قراءة الكل
يتضمن هذا البحث ثلاثة أقسام وخاتمة جاءت على النحو التالي: يتناول القسم الأول محورية الشر في فلسفة ريكور ويتضمن أربعة فصول. الفصل الأول: بيّن فيه أصالة ريكور الفكرية، ثم عرضت الخطوط العريضة لفلسفته وذلك إنطلاقاً من تأثرة بالفلسفة الوجودية المسيحية، وبفينومينولوجيا هوسرل التي قادته إلى وضع مؤلفه الضخم فلسفة الإرادة، وصولاً إلى طرح مشروعه الفلسفي: التأويلية. الفصل الثاني: ألقى فيه نظرة على مقاربة مسألة الشر من قبل العديد من الفلاسفة الذين تحاور معهم ريكور، ثم عرض واقعية هذه المسألة وأثر الآلام الشخصية التي عانى منها الفيلسوف. كما بيّن كيف عالج مسألة الشر بوجوهها المتعددة، من خلال البحث عن أصل هذه المشكلة وكيفية الخروج منها، وكيف توسل ريكور المنهج التأويلي لفهم الأساطير وصولاً إلى تحليل مسألة الخطيئة ورموزها. الفصل الثالث: وهو بعنوان " الشر لغز وتحديات " وفي هذا الفصل إطلالة على الكيفية التي فهم فيها ريكور مسألة الشر وتعقيداتها. فهو يميز بين مستويات الخطاب التي توصل إليها بالتأمل في أصل الشر وعلة وجوده، محاولاً ربط التفكير بلغز الشر، بأجوبة ذات علاقة بالفعل والشعور. الفصل الرابع: عرض خطة ريكور في بلورة " أنتربولوجيا فلسفية " تحت عنوان اللاعصمة، إنطلاقاً من علاقة المتناهي باللامتناهي، أي من الإنسان ككل، ومن لا تناسب الإنسان مع ذاته. القسم الثاني: ويحمل عنوان رمزية الشر في الأساطير القديمة ويتضمن فصلين: الفصل الأول يحمل عنوان " المنهج التأويلي وفهم رموز الأسطورة . ويتناول تطبيق ريكور لمنهجه التأويلي في عملية فهم الأبعاد الرمزية للأسطورة. ومحاولته على طريق فروي الكشف عن اللاوعي التاريخي للإنسان. فهو يبحث فيه عن أصل الشر محاولاً فهمه وتفسيره. كما حاول تقصي إجابات ريكور عن الأسئلة التي تتعلق بكيفية الإنتقال من إمكانية الخطأ إلى واقع خطأ. والكشف عن المعيارية التي يتميز بها الرمز. وما ترمز إليه بعض المفاهيم كالدنس والخطيئة وغيرهما. إنطلاقاً من قراءة متفصحة للتوراة والأساطير القديمة، وصولاً إلى بلورة مشروعه الفلسفي الكبير المتمثل بالتأويلية. أما الفصل الثاني فيتناول " رمزية الشر في مفهوم العبد الحاكم" حيث يكشف فيه عن كيفية فهم ريكور أبعاد " الأسطورية الآدمية ". وكذلك فهمه الوظيفة الرمزية للاأساطير، وقصة السقوط ومأسويتها، ثم تتبع حركة الرمز وتوجهها نحو المستقبل. وأخيراً أتى إلى القسم الثالث الذي وضع تحت عنوان " الفلسفة السياسية والأخلاقية لريكور في مواجهة مشكلة الشر ". ويحتوي على ثلاثة فصول" الفصل الأول: ويتناول مسألة الشر من زاوية " الخطأ وروح العفو "، حيث يشكل الخطأ الإفتراض الوجودي المسبق للعفو، فيقدم نفسه كمعطى يدفع إلى التفكير. الفصل الثاني: أبرز " هاجس العدالة " الذي يسيطر على فلسفة ريكور السياسية، وتخليه عن الأحادية لصالح التعددية وصولاً إلى تسهيل إقامة حوار بين المختلفات. كما عرض ما سماه ريكور "مفارقة السلطة " وإنهيار سلطة الحكم اللاهوتي – السياسي، مع تركيز ريكور على مسألة العدالة في مواجهة الشر السياسي، وكذلك نظرته للديمقراطية الإجتاعية، إضافة إلى معالجته بعض الأزمات المعاصرة مثل الصراع العربي – الإسرائيلي. الفصل الثالث: عرض أثر فكر ريكور ومنهجه التأويلي في طريقة تفكير بعض المفكرين العرب وقراءاتهم الجديدة لنصوص التراث العربي – الإسلامي، على ضوء المناهج الحديثة في العلوم الإنسانية، وذلك في إطار البحث عن حلول حضارية لمواجهة شرور مستشرية مثل التعصب الديني والإتيني والقمع والتخلف على مختلف المستويات.كانت مسألة الشر ولا تزال تمثل تحدياً للإنسان على إمتداد التاريخ البشري، وذلك نظراً لتعقيداتها وهيمنتها على الواقع الإنساني. فالشر ليس مسألة تأملية بحتة، بل واقعاً معاشاً ومشكلته تتعلق بالفعل والسلوك. فإذا تجاهلنا أصل الشر فهل يمكن تجاهل نتائجه؟لقد إستطاع ريكور من خلال المنهج التأويلي، أن يكتشف سر العلاقة بين الشر والخطيئة، ومن خلال دراسته الأبعاد الرمزية للأسطورة، حاول الكشف عن اللاوعي التاريخي للإنسان، مستفيداً من نظرية التحليل النفسي لفرويد، كما حاول الإجابة عن كيفية الإنتقال من إمكانية الخطأ إلى واقع الخطأ.ومن رمزية الشر إنبعثت لدى ريكور حكمته القائلة: " الرمز يبعث إلى التفكير ". فإنفتح على كافة العلوم الإنسانية، وعمد إلى نقد النص على ضوء المناهج الحديثة التي شارك في بلورتها ولا سيما التأويلية النقد التاريخي والأنتربولوجي، ووضع قواعد لفلسفة السلوك، وإبتدع مفاهيم جديدة منها " المفارقة السياسية " حيث حدد الأسس لأخلاقية سياسية تأخذ بعين الإعتبار متطلبات الواقع، وتستجيب لتوقعات الإنسان المعاصر، وذلك بإظهار موقعه في عالم الوجود. فالشر بما هو عنف قصدي، تنكر لقيمة الحياة، وغير منفصل عن فلسفة الوجود والحرية. لذلك دعا ريكور إلى الحد من العنف " فأي فعل أخلاقي أو سياسي ينقص العنف الذي يمارسه بعضهم ضد بعض، ينقص معدل التألم في العالم".لقد تأثر بفلسفته ومنهجه التأويلي العديد من المفكرين في عالمنا العربي المعاصر.