تقدم لنا هذه الدراسة تحليلاً عميقًا لواقع وسائل الإعلام الإسرائيلية مما يعطينا نتيجة مفادها أن هذا الإعلام الموتور قد حاد عن الأسس التقليدية والمتعارف عليها في الأوساط الصحفية والإعلامية، ويتجلى ذلك بصورة واضحة من خلال تحليل الكيفية التي تعامل بها الإعلام الإسرائيلي مع العديد من القضايا والأحداث التي ستناقشها هذه الدراسة، مثل ال...
قراءة الكل
تقدم لنا هذه الدراسة تحليلاً عميقًا لواقع وسائل الإعلام الإسرائيلية مما يعطينا نتيجة مفادها أن هذا الإعلام الموتور قد حاد عن الأسس التقليدية والمتعارف عليها في الأوساط الصحفية والإعلامية، ويتجلى ذلك بصورة واضحة من خلال تحليل الكيفية التي تعامل بها الإعلام الإسرائيلي مع العديد من القضايا والأحداث التي ستناقشها هذه الدراسة، مثل الانتفاضة الفلسطينية، وحرب لبنان 2006م وحرب غزة 2009م وغيرها.وتؤكد لنا هذه الدراسة في نهاية الأمر أنه على الرغم من الإمكانيات الهائلة المتاحة لوسائل الإعلام الإسرائيلية، ومساحات المناورة الشاسعة الممنوحة لها، نظريًا على الأقل، إلا أنها تراجعت في أدائها المهني لمهامها، لتصل إلى درجة الصحافة المجندة أحداية الجانب، ولم تكتفِ بتزويد متلقي هذه الوسائل بمستجدات الأمور والأحداث المتلاحقة، بل لجأت للتهويل تارة، والتستر تارة أخرى، وبدلاً من محاولة بناء وتكوين رأي عام واعٍ لحقيقة ما يجري على الأرض من خلال عرض تعددي لوجهات النظر، أو الرأي والرأي الآخر، فإنها أخذت على عاتقها تعبئة الرأي العام الإسرائيلي، عبر التهويل وعدم الدقة، والتحامل والتحريض، وذلك عبر حفنة ضئيلة من رجال الإعلام الصهاينة ممن يَدَّعُون المعرفة الواسعة بالشئون العربية والفلسطينية، وستُظهر لنا صفحات الدراسة، أنه لم يكن هناك توازن إعلامي معقول ومقبول بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، في المقابلات ونقل المواقف ووجهات النظر المتباينة إبان دراسات الحالة التي تناولتها؛ حيث لعبت وسائل الإعلام الإسرائيلية دورًا تعبويًّا عمل كامتداد للمؤسسة السياسية الرسمية، واصطف الجميع إلى جانب خطاب المؤسسة العسكرية والأمنية الزائف والمتجني.وتأتي أهمية الدراسة بما عادت إليه من مصادر ومراجع باللغة العبرية، بهدف استحضار شواهد إسرائيلية بحتة من داخل البيت الإسرائيلي. ولعل أهم ما قد يلاحظه القارئ وهو يقلب صفحات تلك الدراسة، أنها قد كشفت بتحليل عميق وموثق عن صورة أخرى «مغايرة» و«حقيقية» للإعلام الإسرائيلي، بعكس تلك الصورة «النمطية» و«الزائفة» التي ربما تكون قد رُسِمَت وترسخت عنه في الذهنية العربية بشقيها الرسمي والشعبي.