يعدّ خطاب القوى السّياسيّة الفاعلة في السّاحة العربيّة، أنموذجاً حيّاً لخطاب الوصاية المطلقة؛ السّياسيّة والدّينيّة والثّقافيّة والاجتماعيّة؛ باعتبار أنّه وإنْ حاول أن يقنعنا بأنّه يمارس دور تمثيل الجماهير العربية والتّعبير عن إرادتها، إلاّ أنّه ما يزال يمارس - في حقيقة الأمر- دور تدبير شؤون الجماهير العامّة والخاصّة، نيابةً عنه...
قراءة الكل
يعدّ خطاب القوى السّياسيّة الفاعلة في السّاحة العربيّة، أنموذجاً حيّاً لخطاب الوصاية المطلقة؛ السّياسيّة والدّينيّة والثّقافيّة والاجتماعيّة؛ باعتبار أنّه وإنْ حاول أن يقنعنا بأنّه يمارس دور تمثيل الجماهير العربية والتّعبير عن إرادتها، إلاّ أنّه ما يزال يمارس - في حقيقة الأمر- دور تدبير شؤون الجماهير العامّة والخاصّة، نيابةً عنها ودون تفويضٍ منها أو إذنٍ بتمثيلها. لذلك فهو يعدّ بحقّ خطاباً معبّراً عن إرادة النّخبة في التسلّط على الجماهير، ولا يعبّر عن وعي الجماهير أو إرادتها في ممارسة السّلطة، إنّه من صياغة النّخبة في مواجهة وضعها السّوسيو- ثقافيّ، بما هي نخبة أو مجموعة أو فئة اجتماعيّة، تعاني مأزقاً تاريخيّاً، على صعيد علاقتها بذاتها، من جهة، وعلى صعيد علاقتها بباقي أفراد مجتمعها الذي تنتمي إليه، من جهة ثانية، فضلاً عن علاقتها بباقي النّخب الأخرى المختلفة معها أو المتناقضة مع توجّهاتها، من جهة ثالثة، لذلك فهي تلوذ بالخطاب الذي تتداول لمواجهة وضعها المأزوم هذا، أو للتّعبير عن حالة النّفي والتّنابذ التي باتت تحكم منطق العلاقة النّاشئة فيما بينها كنخب، ولمواجهة حالة العزلة والاغتراب التي تعانيها على صعيد علاقتها بالجماهير أو بباقي أفراد المجتمع الذي تنتمي إليه في أصل نشأتها وتكوينها.