الأفكار والأسرار، 11 سبتمبر 2001

في يوم 11 سبتمبر 2001 حدثت مجموعة من الحوادث في الولايات المتحدة الأمريكية تعد أغرب من الخيال، حينما قامت طائرتان مدنيتان بضرب برجي مركز التجارة العالمي بمدينة نيويورك في واقعة سجلتها كاميرات التلفزيون، وبعدها بقليل قامت طائرة مدنية أخرى بضرب مبنى وزارة الدفاع الأميركية أو البنتاغون بمدينة واشنطن، وبعدها سقطت طائرة مدنية رابعة في ولاية بنسلفانيا وهي في طريقها لضرب هدف غير معروف، ربما يكون مبنى الكونجرس أو البيت الأبيض أو هدفاً آخر لا يتخيله أحد ولا يخطر ببال بشر. وكان الحدث مذهلاً بكل المقاييس، وكأنه جاء إلى العالم، أو المشاهدين، من قلب أكثر الأفلام السينمائية إثارة وغموضاً وعنفاً، أو أنه جاء من جوف تاريخ طويل حشدت فيه الإنسانية كل أحقادها ومآسيها وحمل الحدث في مقوماته قصص ثلاثة آلاف قتيل وقتيلة من كل الملل والجنسيات والأديان والألوان، ودفن معهم تحت الأنقاض مستقبلاً كان يقيناً سوف يأتي مزدحماً بابتسامات ودموع، وأكبر من القصص الفردية التي تخللته كانت السياسة لتي جاءت في أنقى صورها عندما تكون تعبيراً عن استخدام القوة في أقسى صورها، مولدة سلسلة من ردود الأفعال التي هي أشبه بانصهار قلب المفاعل النووي تحت وطأة تفاعلات يعجز عن تحملها.ومع انصهار وقلب المفاعل الدولي أصبح العالم مكاناً يتفجر بتفاعلات أخرى جديدة ومستحدثة تفرض على العقول تحديات هائلة ولفترة طويلة قادمة فإننا لن نعلم ما جرى بتعيين كامل،وعلى الأرجح أن أحد لن يكون قادراً على حل ألغاز هذا اليوم من أيام الهول. في هذا الإطار يأتي البحث حول أفكار وأسرار 11 سبتمبر 2001، وهدف الباحث ليس فقط الترف على حقيقة قصة الهجوم بالطائرات المدنية على الأهداف الحيوية، فربما يكون الاقتراب من ذلك ممكناً، ولكن ما هو أعقد الاقتراب مع القارئ لمعرفة لماذا حدث ما حدث، وما هي تلك القوى التي تفاعلت حتى صهرت مفاعل العالم، والأهم الاقتراب أكثر لمعرفة إلى أين تقودنا وتقود معنا البشرية كلها. فرغم أن الحدث كان سبباً في مقتل ما يعد بمعايير المعارك الحربية عدداً صغيراً إلا أن التغييرات الحضارية له، وما جره من تحولات في العلاقة الدولية، وما فتحه من صراعات صريحة وكامنة، لا تكاد نجد له مثيلاً في التاريخ.