أبو الوليد ، أحمد بن عبد الله ، المخزومي الأندلسي القرطبي ، كان والده فقيهاً ، أدبياً، وصار ابن زيدون وزيراً لابن جهور ، واشتهر آنذاك وعلا قدره، وألقيت إليه مقاليد الأمور، فكان يسوسها بحذق وكياسة ثم نقم عليه مولاه ابن جهور وسجنه، ثم فر هارباً ، وأتى المعتضد صاحب إشبيلية ،فاستخلصه لنفسه ، ومكّنه من أمور البلاد ، ثم استوزره ولده ا...
قراءة الكل
أبو الوليد ، أحمد بن عبد الله ، المخزومي الأندلسي القرطبي ، كان والده فقيهاً ، أدبياً، وصار ابن زيدون وزيراً لابن جهور ، واشتهر آنذاك وعلا قدره، وألقيت إليه مقاليد الأمور، فكان يسوسها بحذق وكياسة ثم نقم عليه مولاه ابن جهور وسجنه، ثم فر هارباً ، وأتى المعتضد صاحب إشبيلية ،فاستخلصه لنفسه ، ومكّنه من أمور البلاد ، ثم استوزره ولده المعتمد .ساقته الأقدار لحب ولادة بنت المستكفي ، صاحبة الجمال والأدب ، وكان يغشاها الوزراء والقادة والأدباء ، لكنه سبق أقرانه من أضرم عليه نار الحسد . كان شاعر حب وغزل ، ووصف وخيال ، وفي الغزل كالماء الفياض ، بعيد غوره ، قوي دفقه ، ضمّن شعره الأمثال والتشابيه والصور البديعيّة . ولابن زيدون نثر أنيق ، دقيق ، أشبه الجاحظ ، وقارب البحتري. كان أبو الوليد جلداً صبوراً ، يستعطف من يحبّ : حتى لتظـّنه طالباً لكنّـه وزير أدب ، وخلاصة ذهب، قلّ نظيره بين الشعراء حتى لم يتطاول إليه إلا مغرور حاسد .شعره محفوظ : وخاصة في حب " ولادة " . وله في الهجاء شديد لفظ ، لا ينقص عنه إلا لفظاً ، ولو كان شعراً لم ينسه أحد. كان جليس الملوك ، وملك الجلساء ، إشاراته رائعة ، وعباراته شائقة ، وفيض علمه زاخر، لا تنقصه الدلاء . وهذا الديوان من فرائد الأدب ولآلىء الذهب يستحق من الباحثين مزيد اهتمام وليس دون ذلك طائل، إلا ضعف الهمم ، عن رقي القمم . وقد رأينا أنه في الديوان ثغرات تلافيناها ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً ، بشرح لا يطول فُيملّ ، ولا يقتصر فيخل ، فهو وسط بين طرفين .