توماس إديسون

يشترك العباقرة في شيء مهم جدًّا، هو الرغبة المحمومة والدائمة في الإبداع؛ وهذا هو سر عبقريتهم. وإديسون واحد من هؤلاء العباقرة، الذين استنفدوا أعمارهم وقواهم وراحتهم في سبيل دفع البشرية خطوات للأمام، نحو التطور والتقدم والتمدن.لقد أخلص هذا العبقري للبشرية؛ فأفنى عمره وضحى براحته؛ لينقل البشرية من عصر الظلام إلى عصر النور والإشراق.. كم من القفزات الكبرى حققها الإنسان؛ بسبب مخترعات إديسون.. وكم من المعذبين استراحوا! وكم من العمليات الجراحية أجريت ليلًا ونهارًا! وكم من الأبحاث العلمية أنجزت! كل ذلك على ضوء المصباح الذي اخترعه إديسون.لقد حقق توماس إديسون ما كانت ترجوه منه أمه تمامًا؛ فلم يرحل عن العالم إلا وقد تغلب على كل الصعوبات التي وقفت في طريق نبوغه، وسجل أكبر عدد من براءات الاختراع حتى الآن.. إن هذا العالِم الذي وصف بالغباء المفرط وهو صغير، أرسى لمن بعده قاعدة، كانت غائبة عن الجميع حتى ذلك الوقت، ألا وهي أن الإرادة والعزيمة والعمل الجاد الدؤوب هي العبقرية الحقيقية، وأن دور الإلهام ضئيل جدًّا.. إديسون عالم من طراز نادر وعجيب، وضع نصب عينيه هدفًا واحدًا وهو الإنسان؛ كيف يريح هذا الإنسان، وكيف ينير له دروب المجهول، وكيف يوفر له وسائل التسلية والمتعة.إن إديسون العبقري نقل العالم من عصر الظلام إلى عصر النور والضياء؛ فاختراعه للمصباح الكهربائي جعل ساعات العمل لا تنتهي، وجعل الإنتاج متواصلًا ليل نهار، لقد صنع إديسون بهذا الاختراع ثورة في كل مجالات الحياة؛ في الطب والصناعة والتعليم والفن وغيرها. خلق إديسون من نفسه أسطورة باختراعاته التي تخطت الألف.. وكان مع ذلك إنسانًا حنونًا.. أحب أمه حبًّا جمًّا، ولم ينسَ يومًا أنها التي آمنت به، ودافعت عنه، وحرصت على تثقيفه ودفعه إلى المقدمة، وعلمته معنى أن يضحي ليسعد غيره؛ فأفنى عمره في سبيل إسعاد البشرية، وأحب زوجتيه اللتين أخلصتا معه لقضيته، وراحتا تساعدانه على التغلب على عاهة الصمم، وظل إلى آخر حياته مخلصًا لعلمه واختراعاته، فاستحق عن جدارة احترام العالَم الذي أنار جوانبه.