من المعلوم أن أشرف العلوم وأنفعها ما يحمله محتوى هذا العلم من النفع, والمصلحة, وإن من تلك العلوم المفيدة ما كان فيه علم ونبأ من سبق وإظهاره لمن خلف ليأخذ العبرة, ويتعظ, ويتفكر في واقعه, ومآل حاله, ويحسن صنعه لأن صنع الله في الخلق محكم.وقد كثرت آيات القرآن الكريم مبينة أحوال من سبق, وعارضة عاقبة عمل الخير, ومصير من سلك طرق الشر, ...
قراءة الكل
من المعلوم أن أشرف العلوم وأنفعها ما يحمله محتوى هذا العلم من النفع, والمصلحة, وإن من تلك العلوم المفيدة ما كان فيه علم ونبأ من سبق وإظهاره لمن خلف ليأخذ العبرة, ويتعظ, ويتفكر في واقعه, ومآل حاله, ويحسن صنعه لأن صنع الله في الخلق محكم.وقد كثرت آيات القرآن الكريم مبينة أحوال من سبق, وعارضة عاقبة عمل الخير, ومصير من سلك طرق الشر, وسبل الضلال, ولم يكن ذلك مقتصراً على البشر فحسب, بل على أحوال العباد والبلاد وذلك عبرة لمن اعتبر, أو القى السمع وهو شهيد.وإنه لمن المناسب والمفيد حينما يكون الحديث في أحوال تاريخ مكان معظم عند الله وعند خلقه حيث الحديث إلى القلوب أقرب, وصداه في المشارق أعظم, كيف لا وسفرنا بمباحثه وفصوله يتحدث عن تاريخ لبعض بقاع الله المقدسة بارك الله حولها وعليها, بقاع عَظُمت وعُظِّمت بعظمة الله العلي العظيم, بلاد هي نبع التوحيد والإيمانو ومهبط وحي الرحمن إلى أنبيائه العظام, بلاد هي من أفضل بلاد الله, وهي محشر خلق الله غليه, بلاد فيها أولى قبلتي المسلمين, ومسرى سيد الأولين والآخرين, وهي بلاد الشام واخصص بذلك بلاد المقدس وفلسطين أقر الله عيوننا بعودتها ومقدساتها إلى حظيرة المسلمين آمين.وإنه ومن هذا المنطلق فقد رايت أن نعتني بكتاب اعتنى به صاحبه ومؤلفه قبلنا بحسن الاختيار مكاناً وتاريخاً, مع ما اجتمع لمؤلفه من سعة المعرفة وعظيم الاطلاع على سير الأخبار وتاريخ البلاد هذا الكتاب هو كتاب ((تاريخ غزة)) للمؤرخ والعالم التاريخ الأستاذ عارف العارف والذي كان يشغل حين تأليفه لهذا الكتاب في بداية القرن التاسع الميلادي قائمقام غزة.فرأيت في هذا الكتاب من العلم والمعرفة وسعة الاطلاع ما يجعل القارئ والمستفيد محتاجاً لقراءته, والانتفاع بما حواه لا سيما وأنه يوثق لحقبة كانت عصيبة على تلك البلاد بخاصة وأمتنا بعامة, فقمنا بجلب النسخة الأصلية وضبطناها وعملنا مقارنة مع غيرها, كما قمنا بتهذيب الكتاب, والتعليق عليه فيما يحتاج إلى تعليق كما قمنا بعمل تراجم لكثير من الشخصيات التي ذكرت في طيات هذا السفر العظيم, وقمنا بشرح الألفاظ التي تحتاج إلى توضيح, كما قمنا بعزو الآيات القرآنية وتخريج الأحاديث النبوية التي وردت في هذا الكتاب مع بيانها, وميزنا التعليقات التي أضفناها في الهامش بوضع تلك العلامة (*) وهدفنا في ذلك إخراج الكتاب في ثوب جدي يستفيد منه من رام الاستفادة ويعذرنا على تقصيرنا من علم بأن ذلك جهد مقل, واجتهاد مخلص.أسال الله أن يسدد القول والعمل وأن ينفعنا بما علمنا وعملنا وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه الطيبين.