شهد القرن الماضي تطورات وتغيرات فرضتها متغيرات عديدة أثرت وبشكل مباشر على ميادين كثيرة من ميادين الحياة البشرية ، ولا مجال لتغييب دور الإنسان كعامل مهم وحاسم بل وكمتغير أساس قاد حركة التغيير والتطوير ، طمعا منه في تسخير الكون من اجل خدمته ؛ والحديث عن كم ونوع التغيرات والمتغيرات حديث يطول ، ولا يتسع المقام للخوض فيه خاصة إذا كان...
قراءة الكل
شهد القرن الماضي تطورات وتغيرات فرضتها متغيرات عديدة أثرت وبشكل مباشر على ميادين كثيرة من ميادين الحياة البشرية ، ولا مجال لتغييب دور الإنسان كعامل مهم وحاسم بل وكمتغير أساس قاد حركة التغيير والتطوير ، طمعا منه في تسخير الكون من اجل خدمته ؛ والحديث عن كم ونوع التغيرات والمتغيرات حديث يطول ، ولا يتسع المقام للخوض فيه خاصة إذا كان الأمر عاما ، أما إذا ضيقت التغيرات والمتغيرات وأصبحت ضمن موضوع أو حالة بعينها ، فقد يكون من الممكن البحث فيه ، وحينئذ يتسع المقام ويصبح أمر الخوض في موضوع محدد أمر فيه فائدة، ومن منطلق الاختصاص ، ومن منطلق الحكمة أن يترك أمر الحديث في التغيرات السياسية لأصحاب الشأن من المتخصصين في العلم السياسي ، وكذلك الأمر في التغيرات الاقتصادية أو السكانية ، وسيكون الحديث في التغيرات التربوية شان المؤلف لهذا النتاج التربوي الذي يقدم من خلاله الحالة الخاصة بالإشراف التربوي قديما وحديثا مع تضمين ذلك ما ينبغي أن تكون عليه الحالة الإشرافية في هذا الزمان من خلال العرض الإجرائي لممارسات إشرافية مدعمة بتجارب ميدانية .ان هذا كتاب يختصر المسافات ويقدم علما وعملا للعاملين التربويين من مديري تعليم ومديري مدارس ومشرفين ومعلمين وطلبة دراسات عليا ؛ علما يبحث في مفردات الإشراف التربوي، وعملا يقدم مفردات الإشراف بأسلوب عملي مدعوم بمواقف إشرافية، يجد فيه مدير التعليم أو المعلم أو المشرف أو مدير المدرسة إجابات لأسئلة تكشف الغامض ، وتوضح الأسلوب ، لتغدو عملية الإشراف التربوي بأهميتها وبمهماتها عملية سهلة واضحة، ترتبط ارتباطا وثيقا بالعمل التربوي الذي يهدف في نهايته إلى تلبية حاجات المتعلمين المختلفة ، بما يحقق رغباتهم كل حسب قدراته ، وصولا إلى النهوض بشخصية المتعلم ليصبح قادرا على القيام بدوره الايجابي تجاه أسرته ومجتمعه.ان هذا كتاب يقدم للعاملين في التربية عامة وللمشرفين التربويين خاصة نماذج نظرية وتطبيقية لما يقوم به المشرف التربوي تخطيطا وتنفيذا وتقويما ، ويقدم كذلك خيارات وأفكار يمكن الاسترشاد بها في تنفيذ المهمات الإشرافية ؛ الإدارية منها أو الفنية ، ويقدم الكتاب نماذج افتراضية لمواقف إشرافية، كما ويضم الكتاب ملاحق خاصة بالوثائق والسجلات والملفات التي يوظفها المشرف التربوي في أعماله الإشرافية المختلفة .ويستطيع القارئ من طلبة الجامعات والمعاهد أو المعلمين أو مديري المدارس أو المشرفين التربويين الاستفادة من محتويات هذا الكتاب كموجهات وإرشادات ، تمكنه من الوعي بواجبات المشرف التربوي ، وتمكنه من فهم الأعمال التي ينفذها المشرف التربوي ، وبما يجسر الفجوة في العلاقة بينه وبين غيره من الأقطاب التربوية ، ويمكن أن يسهم كذلك في إنارة السبل لمن يريد أن يخوض تجربة الإشراف بما تشتمل عليه من أعمال فنية وإدارية متعددة، فالكتاب يقدم صورا وتطبيقات إشرافية ميدانية تمس الواقع بدرجة كبيرة ، خاصة وان المؤلف قد مر بمعظم الخبرات التربوية ؛ من معلم للمرحلة الابتدائية ، إلى معلم للمرحلة الإعدادية ، إلى مدير مساعد في مدرسة إعدادية ؛ هي واحدة من اكبر مدارس وكالة الغوث آنذاك ، إلى مدير مدرسة ابتدائية، إلى مشرف تربوي على كل المواد الدراسية بوصفه مشرفا للمرحلة الابتدائية ( باستثناء اللغة الإنجليزية) ، ومدرب في برنامج المدرسة وحدة للتطوير ، المخصص لمديري المدارس ومساعديهم وبعض المعلمين ، إلى قائم بأعمال مدير التربية والتعليم ثم إلى أستاذ مساعد في الادارة التربوية ، وعضو في الإشراف على برنامج التربية العملية ، المخصص للطلبة المعلمين في السنة الرابعة من تعليمهم الجامعي في كلية العلوم التربوية الجامعية .ان هذا كتاب يتألف من بابين ؛ أما الأول فيضم عدة فصول تتناول الإشراف التربوي من منظور علمي نظري يتخلله بعض الجوانب التطبيقية وبشيء من الإيجاز ، حيث يقتضي السياق الذي يرد فيه الموضوع ضرب بعض الأمثلة ذات الطابع الإجرائي أو التطبيقي .وأما الباب الثاني فيضم فصلان كاملان يختصان بالجانب التطبيقي الميداني في عمل المشرف في مجال التخطيط والتنفيذ والتقويم ؛ آملا أن تكون هديا للمشرفين أو مديري المدارس في القيام بمهماتهم على أحسن ما يقتضيه الحال من جانب وهديا للمعلمين وطلبة الدراسات العليا في فهم فلسفة الإشراف التربوي الحديث وتطبيقاته من جانب آخر .