اختير لها زمن خاص ومكان خاص وشخصيات فريدة في ثراها وغناها، امتد بها الزمن منذ الطفولة، وحتى سن النضوج والاندماج في معترك الحياة. كانت تلك الشخصيات شاهدة على زمن مر، وعصر رخص فيه ثمن الإنسان لدى صانعي الحرب العبثية في لبنان لحد، هو البشاعة الكاملة والوحشية التي تجرد فيها الضمير وتقزمت فيها القيم، والتي جرى تحويلها وتشويهها في ذهن...
قراءة الكل
اختير لها زمن خاص ومكان خاص وشخصيات فريدة في ثراها وغناها، امتد بها الزمن منذ الطفولة، وحتى سن النضوج والاندماج في معترك الحياة. كانت تلك الشخصيات شاهدة على زمن مر، وعصر رخص فيه ثمن الإنسان لدى صانعي الحرب العبثية في لبنان لحد، هو البشاعة الكاملة والوحشية التي تجرد فيها الضمير وتقزمت فيها القيم، والتي جرى تحويلها وتشويهها في ذهن صانعي حرب الانتقام ضد أبناء شعبهم وإخوتهم في الدم والأرض والتاريخ المشترك!! من عمق المأساة ومن نيران القنابل الثقيلة التي تسقط في البيوت على سيدة تنشر الغسيل في شقتها، خرج أبطال القصة (أسامة) الشخصية الثرية بغناها بالانفعالات، وتمتعها بكاريزما خاصة منذ الطفولة وحتى لحظة مغادرة ساحة الأحداث. و(عبير) البطلة الثانية في القصة والتي أبدع الكاتب في وصف ثراء شخصيتها وتحديد ملامح تميزها ونضوجها المبكر، في وقت فرضت فيه الحرب غير العادلة على جيل جديد كانت له طموحه وآماله وتطلعاته وكان من حقه أن يتعلم ويعمل ويحيا في أمن وأمان!! (حسام) الشخصية الثالثة التي ظهرت منذ بداية القصة، وتحركت في مسرح الحياة لتصنع أحداثا متباينة، وتفاجئنا في منتصف رحلتها لتحقيق الذات بدورة كاملة، واستعادة للجذور، وكأنه ما من نجاح حقيقي إلا إذا ارتبط بفكر ومنهج وكان له امتداده في الذاكرة والوطن!! شخصيات ثرية ومضيئة، تمكن الأديب عزام ديبا من تقديمها في روايته، لتصنع مع باقي الشخوص والأحداث سيرا متكاملة لفرسان في الزمن الصعب. إنها ملحمة بطولية امتزجت فيها الدماء بالآمال الكبار وتفاوتت فيها الألوان وتجاذبت فيها المعاني في خضم أحداث، كان فيها البطل (أسامة) يخوض معركته في الثأر لأحبائه، باحثا عن ذاته مفتشا عن صوته الداخلي الذي يصغي إليه مرة ويسكته أخرى، حتى إذا بلغ الانفعال بالقارئ ذروته وازداد حرصه على نجاح البطل في إدراك الحقائق من حوله، جاءنا الرد سريعا، والجواب مطواعا لنجد (أسامة) بطل القصة والشخصية غير التقليدية للصورة المرسومة في ذاكرتنا عن شباب العرب، يعود من جديد أكثر نقاء واقترابا من دينه وهويته وقيمه الحقيقية.