إن الوعي "لا يفرغ دفعة من تعين ما، بل نراه يستأنف تجريبه عند مقاماتٍ أرفع" وبهذا فلا يعني فتح باب الإجتهاد تكرار بحوث الطهارة والوضوء والإرث ووجوب صلاة الجمعة أو إستحبابها، ما هو تعريف علم الأصول؟.ما مدى حجية القطع وإستحباب الأزلي؟ وغير ذلك من مفاهيم رتيبة وإصطلاحات مكررة، لم تستطع ملاءمة المؤمن بين واجبات الشريعة وضروريات العصر...
قراءة الكل
إن الوعي "لا يفرغ دفعة من تعين ما، بل نراه يستأنف تجريبه عند مقاماتٍ أرفع" وبهذا فلا يعني فتح باب الإجتهاد تكرار بحوث الطهارة والوضوء والإرث ووجوب صلاة الجمعة أو إستحبابها، ما هو تعريف علم الأصول؟.ما مدى حجية القطع وإستحباب الأزلي؟ وغير ذلك من مفاهيم رتيبة وإصطلاحات مكررة، لم تستطع ملاءمة المؤمن بين واجبات الشريعة وضروريات العصر، ولم تعن على إيقاف دمار المسلمين الذاتي الطائفي، ولا الخارجي الإستعماري، فهو إجتهاد في ثوابت لا تتغير وفي مشاكل لا تحل، هو إجتهاد في إيقاف الإجتهاد على خلاف مقولة هيغل (إن الحقيقة لدينا عبارة عن دراهم معدودة ونقوش ثابتة يجري مبادلتها في سوق المصالح المتقلبة في حين أن الإجتهاد ليس نشاطاً فقهياً فحسب، ولا دينياً حصراً.الإجتهاد هو نشاط حياة، فهو حق مكفول للجميع، فالوجود بذاته إجتهاد ضروري، فلكل منا حصته من الفهم كما يقول السيد محمد محمد صادق الصدر في الجزء الأول من "منهج الأصول" وبالتالي لكل مناحصته من الوجود والإدراك والنقد والإجتهاد، وإذا كان للقرآن الكريم بواطن، فللحياة بواطن كذلك، من يستطيع القول إن الحياة مجرد ظواهر فقط؟! وحق الإجتهاد في الحياة أحق من الإجتهاد في النص، ومن فتح له الباب في الأهم كيف ينغلق أمامه باب المهم؟!.وإلى هذا فإن التدين بالوراثة بات يغني عن التدين بالوعي، خصوصاً في ظل إنتشار الأفكار المعلبة في محاضرات وعظية مدفوعة الثمن ضمن تغطيات القنوات الإعلامية التي وجدت في ظل الإحتراب الطائفي والعاطفة المذهبية، أنجع وسيلة للتكسب والإرتزاق، فكان الحديث في الدين ونقد الأسماء العلمائية أشبه بتجارة السلاح؛ إن لم تكن أخطر.وإذا كانت جملة الإسلامويين الشائعة أن فشل التطبيق لا يدل على فشل النظرية لافتة لحراسة سقوط جملة من الرموز والدعاة والمشايخ حينما استلموا السلطة والمناصب، فإن الجملة ذاتها يمكن تكرارها في بعض موارد الفكر الماركسي نفسه.يقول الكاتب السوداني محمد أبو القاسم حاج محمد في كتابه الكبير، العالمية الإسلامية الثانية: (فشل الغرب وما زال فاشلاً في إجهاض الصياغة الماركسية كمحتوى لتطوره الفلسفي العلمي)، وهنا بالمقدار ذاته بالإمكان ذاته نستطيع إدارة ظهو الجن بكون الإسلاميين فشلوا وما زالوا في إخفاء تأثرهم بذلك الرافد الفلسفي الكبير، فلسفة الشهيد محمد محمد صادق الصدر تلك الشخصية التي لا زالت تثير التساؤلات وتبعث على المواجبات، قريب من لمعان النقد، بعيد عن خبرة العادي، ضد إستشهاده كما في حياته؛ فدوره الإحيائي لا يزال أرضاً بكراً لم يحرثها فلاحو الحقيقة، وتراثاً إختلافياً لم نُفتح صناديق أسئلة عطائه ولا ثمار نتاجه.وإن الباحث وعند دخوله في عمق فلسفة الشهيد الصدر في محاولة لعقد مقارنة بين هيغل ومحمد الصدر في تكوين النسق الفلسفي في الفكر التاريخي والوجود الحي لدى كلٍّ منهما، لم تكن قضيته التمسك بوظيفة إسترجاع تاريخي للدفاع عنه أو التشكيك فيه، بل كانت قضيته هي قضية ثقة بفكر الذات، من حيث القدرة على مقارنته بفكر الآخر مهما كانت منزلته العالمية، ليس من خلال الإنشاء وصيغ المبالغات السطحية، حيث ضجيج المدائح المعسولة، وإنما خلال العرض الموضوعي وقسوة النقد المحايد.وبذلك بالإمكان الخروج من محاسبة تكوين الثقافة الذاتية من جهة، والإتصال بالآخر عن طريق صحوة نقدية لا تبعية إنبهارية، ومن جهة ثانية طرح مادة علمية ذات عمق حقيقي بعيداً عن هلوسات التناسخ الإنشائي والتكرار التسطيحي لقضايا الفكر والإيمان.هنا بين هيجل ومحمد الصدر بالإمكان قراءة فكر واثق بالمواجهة وبالقدرة على صناعة مناعة ذاتية ضد التسطيح والسقوط في حفلات التنكر الإجتماعي حيث كسل المصالح يتحكم في نوعية الحقيقة... الحقيقة التي تقف مواجهة النفعية والإعلام.