الصياغة القانونية أو الكتابة القانونية هي الثوب الذي يرتديه التشريع أو الفقه أو القضاء، فلن يستطيع المشرع تجاهل هذه الصياغة للعمل الذي يسنه دستوراً كان أو قانوناً، كما لن تستطيع السلطة التنفيذية تجاهل القوانين، بالنسبة لما تشرعه بناء على تفويض دستوري، أو ما تضعه من أنظمة أو قرارات عامة (تعليمات أو مراسيم) بحكم ولايتهما القانونية...
قراءة الكل
الصياغة القانونية أو الكتابة القانونية هي الثوب الذي يرتديه التشريع أو الفقه أو القضاء، فلن يستطيع المشرع تجاهل هذه الصياغة للعمل الذي يسنه دستوراً كان أو قانوناً، كما لن تستطيع السلطة التنفيذية تجاهل القوانين، بالنسبة لما تشرعه بناء على تفويض دستوري، أو ما تضعه من أنظمة أو قرارات عامة (تعليمات أو مراسيم) بحكم ولايتهما القانونية. ويحرص الفقهاء والشُرّاح على طرح وجهات نظرهم سواء أكانت نظريات أم تفسيرات أم انتقادات أم آراء بكتابة قانونية متخصصة. وأخيراً يحرص القاضي، بدوره كل الحرص على أن يصب أحكامه بلغة قانونية سليمة. والصياغة هي وسيلة المشرع، أو الفقيه، أو القاضي، أو المحامي لإيصال الفكرة إلى المخاطب بها، وهي فكرة يفترض أن تتسم بالدقة والوضوح والعرض المحكم، وتراعي القواعد العامة في اللغة العربية، وتجنب استخدام الكلمات القديمة أو غير المستخدمة. ومما يشوب هذه الصياغة وجود خلل، أو خطأ، أو غموض ينجم عنه إرباك القاعدة القانونية أو الرأي الفقهي أو الحكم القضائي، وعلى المعنيين من هؤلاء الثلاثة مراعاة هذا الجانب من عملهم القانوني كي تكون القاعدة واضحة، والفكرة جلية، والرأي مفهوم. ويقوم بالصياغة القانونية خبير بها له ممارسة طويلة في لغة القانون، بحيث تظهر صياغة القانون معبرة أصدق تعبير عن مكانة الدولة وهيبتها، الأمر الذي يجعل القواعد القانونية مصاغة بأسلوب سلس وجلي لكي يفهمها المخاطب بها مباشرة ودون أن يحتاج إلى استخدام معجم لغوي. ولا شك أن صياغة القوانين، وأحكام القضاء، وآراء الفقهاء، ومذكرات ولوائح المحامين يتعين أن تمثل هذه الأطراف تمثيلاً يعزز من مكانتهم، ويوصل خطاباتهم ورسائلهم إلى المخاطبين بها بيسر وسهولة. وهذا المُؤلف عبارة عن دليل إرشادي للصياغة القانونية المثلى، بحيث يزود القارئ بنماذج من نصوص التشريعات، وآراء الفقهاء، وأحكام القضاة، ومذكرات ولوائح المحامين، يضاف إلى ما تقدم إبراز العيوب وأوجه الخلل التي تشوب القوانين وآراء الفقه وأحكام القضاء وصولاً إلى الصياغة السليمة. ويأتي هذا المُؤلف في وقته الملائم لكي يسد فراغاً محسوساً في مكتبة العلوم القانونية، وجدير بالذكر أن الصياغة القانونية ليست أمراً معقداً أو صعباً صعوبة تعجيزية، وإنما هي أسلوب لغوي متخصص يمكن الإلمام به عن طريق التعلم والدربة والإصرار على امتلاك ناصية لغة القانون. والممارس في هذا الحقل بسائر أنواعه يستطيع إدراك لغة القانون ويميزها عن لغة الأدب مثلاً من خلال اتقان اللغة الأولى، أي امتلاك القدرة على الصياغة القانونية السليمة.