يسرني أن أقدم للقارئ العربي كتابي " الآثار النفسية و الاجتماعية للتليفزيون العربي " ضمن سلسلة دراسات نفسية عربية التي تستهدف الدعوة لتكوين علم نفس عربي لا تعتمد نظرياته واكتشافاته و معطياته على النقل من البحوث الأوروبية و الأمريكية، و إنما على البيئة العربية المحلية، و على الشخصية العربية بما تتسم به من سمات خاصة، و ما تخضع له م...
قراءة الكل
يسرني أن أقدم للقارئ العربي كتابي " الآثار النفسية و الاجتماعية للتليفزيون العربي " ضمن سلسلة دراسات نفسية عربية التي تستهدف الدعوة لتكوين علم نفس عربي لا تعتمد نظرياته واكتشافاته و معطياته على النقل من البحوث الأوروبية و الأمريكية، و إنما على البيئة العربية المحلية، و على الشخصية العربية بما تتسم به من سمات خاصة، و ما تخضع له من ظروف و مؤثرات مادية و اجتماعية تختلف و لا شك عن تلك المؤثرات التي يعيش في كنفها الفرد الأوروبي أو الأمريكي. و لا شك أن مثل هذه الدراسات الحقلية التي تتناول البيئة العربية تؤدي أيضا إلى اكتشاف المشكلات التي يعاني منها المواطن العربي و التعرف عليها، و من ثم رسم الخطط و وضع البرامج التي تؤدي إلى حل تلك المشاكل الراهنة، والوقاية من الوقوع فيها مستقبلا مما يسهم في التنمية الاجتماعية على المستويين الفردي و الجماعي معا. إن لاستطلاع رأي الناس أهمية خاصة في برامج الإصلاح باعتبارهم أصحاب المشاكل أنفسهم، و هم الذين يحسون بها أكثر من غيرهم، كما أن لاقتراحاتهم و تطلعاتهم و آمالهم قيمة كبيرة في جدوى الحلول و فاعليتها لأن هذه الحلول تكون نابعة من أصحاب المشاكل و هذا يضمن لها القبول و الرضا من قبلهم. و الكتاب الذي نقدمه للقارئ العربي اليوم يستهدف بيان الآثار التي يتركها التليفزيون العربي في الفرد العربي و ضميره و وجدانه و قيمه و اتجاهاته و ميوله و معلوماته وخبراته و مشاعره وكذلك دوره في حل مشكلاته وتنمية ذوقه الفني و الأدبي ومهاراته و قدراته اللغوية ويوضح اتجاهات الشباب العربي نحو التليفزيون وتقويمهم لأعماله، و اقتراحاتهم بشأن تطويره و زيادة فاعليته و مقدرته على جذب انتباههم و على حل مشكلاتهم و إشباع حاجاتهم. و تعتمد هذه الدراسة على إجراء بحث حقلي ميداني تناول مجاميع من الشباب العربي من مختلف المستويات التعليمية و الاجتماعية و الاقتصادية.و إلى جانب هذه الدراسة الحقلية و ما نقدمه من معطيات نابعة من البيئة العربية يتناول الكتاب في قسمه النظري بالعرض و التحليل نتائج أهم البحوث العلمية التي أجريت على التليفزيون و آثاره في المجتمع الأوروبي و الأمريكي، و تتضمن هذه الدراسات كثيرا من الوصايا التي يفيد منها واضعو البرامج في التليفزيون العربي. و للدراسة الحالية كثير من التطبيقات التربوية و النفسية و الإعلامية و السياسية، فيفيد منها الآباء و الأمهات و المعلمون و المعلمات و الأخصائيون الاجتماعيون و رجال الإعلام و المسؤولون عن الأحداث الجناح و عن الإصلاح الاجتماعي، و يستفيد منها الشباب أنفسهم. و في الدراسة رد على كثير من الانتقادات التي توجه إلى التليفزيون من أنه يشجع على العنف و الجريمة و انتشار الجنس و الرذيلة و ينمي السلبية و ضعف الإبصار... الخ و إني لأرجو أن تكون هذه الدراسة بمثابة الدعوة لإجراء مزيد من الدراسات على وسيلة من أقوى وسائل التأثير و الاتصال المعاصرة. و الله ولي السداد و التوفيق.
