سبق لكنت أن عالج موضوع فلسفة الحق مراراً عدة في دروسه ومحاضراته، تتناولاً خصوصاً الحق الطبيعي (القانون الطبيعي) على الأقل إحدى عشر مرة، بين محاضراته الجامعية فضلاً عن إشارته غليه في ثنايا كلامه عن الفلسفة الخلقية بوجه عام، لكن باول فاتورب الذي قارن بين المحاضرات عن القانون الطبيعي وبيم كتاب "نظرية الحق" يرى أن بين الكتاب والمحاض...
قراءة الكل
سبق لكنت أن عالج موضوع فلسفة الحق مراراً عدة في دروسه ومحاضراته، تتناولاً خصوصاً الحق الطبيعي (القانون الطبيعي) على الأقل إحدى عشر مرة، بين محاضراته الجامعية فضلاً عن إشارته غليه في ثنايا كلامه عن الفلسفة الخلقية بوجه عام، لكن باول فاتورب الذي قارن بين المحاضرات عن القانون الطبيعي وبيم كتاب "نظرية الحق" يرى أن بين الكتاب والمحاضرات اختلافاً ظاهراً، وإن كليهما استعار خطته من كتاب قانون الطبيعة تأليف آخنفل، وكذلك المصطلحات القانونية.وكتاب "نظرية الحق" (القانون) يتألف من قسمين: أحدهما يتناول القانون الخاص، والثاني يتناول القانون العام. وقد قدم لهما باستهلال، ومقدمة إلى ميتافيزيقا الأخلاق، ومقدمة إلى نظرية الحق ( القانون) ويهمنا من هذه المقدمات تمييزه بين القانون والأخلاق. يقول في هذا الصدد أن التشريع الأخلاقي (حتى لو أمكن أن تكون الواجبات خارجية) لا يمكن أن يكون خارجاً، أما التشريع القانوني فهو الذي يمكن أن يكون خارجياً. فالوفاء بالتعهد المعطى في عقد هو واجب خارجي، لكن الأمر بفعل ذلك فقط لأنه واجب دون مراعاة لذي اعتبار آخر لا ينتسب إلا إلى تشريح باطن.في القسم الأول يعالج العاقة بين القانون الخاص أو الطبيعي، وبين القانون العام خصوصاً القانون (الحق) السياسي. وأما القانون الخاص يتناول ما يخص الفرد والآخر بوجه عام، أي حقي وحقه، ويميز كنت بين الملك الحسي، وبين الملك العقلي: فالأول هو أن يكون الشيء المملوك بين يديك، والثاني هو أن تملك الشيء دون أن تحوزه بالضرورة بطريقة مادية، أي أن تحوزه بمنأى عن شروط الزمان والمكان. يقول كنت:"الملك العقلي (إذا أمكن ذلك) هو الملك بدون حيازة" ولكي يكون الشيء ملكي يكفي أن أستطيع التصرف فيه دون الأضرار بالغير، كذلك يقال عن الشىء أنه ملكي إذا أضر الغير في استعماله إياه. وفي القسم الثاني يتناول (الحق) السياسي، والعلاقة القانونية بين المواطن من ناحية، والوطن والأجنبي من ناحية أخرى، ويفصل القول في القانون العام.ويأتي هذا الفصل ضمن بابين: باب خاص بالقانون الدولي، والآخر خاص بالقانون الكوني أو العالمي. وفي هذا القسم الثاني كشف كنت عن حرية عقلية عالمية، وأبدى آراء جيدة، فأما القسم الأول فكان فيه قليل الأصالة، خاضعاً لآراء خنقل وغيره من أصحاب النظريات في القانون، هذا باختصار ما حاول عبد الحمن بدوي مناقشته في هذا الكتاب كاشفاً عن أبعاد فلسفة القانون والسياسة عند كنت.