إنه كتاب مفيد وضروري في عصرنا هذا حيث أمسى تناول الطعام والشراب من أبرز الاهتمامات إن لم أقل لذة اللذات التي طالت حد الهوس. ولسوء الحظ، لقد تحول الإنسان إلى حيوان مجتر لا ينفك فمه عن الحركة. لم نعد نولي الاهتمام ذاته للتفكير، بل لملء بطوننا فقط! وباتت معدتنا تحكمنا. ونتيجة سيل الإعلانات عن الصناعات الغذائية، أصبحت حياتنا مجرد عم...
قراءة الكل
إنه كتاب مفيد وضروري في عصرنا هذا حيث أمسى تناول الطعام والشراب من أبرز الاهتمامات إن لم أقل لذة اللذات التي طالت حد الهوس. ولسوء الحظ، لقد تحول الإنسان إلى حيوان مجتر لا ينفك فمه عن الحركة. لم نعد نولي الاهتمام ذاته للتفكير، بل لملء بطوننا فقط! وباتت معدتنا تحكمنا. ونتيجة سيل الإعلانات عن الصناعات الغذائية، أصبحت حياتنا مجرد عملية حشو للبطون. يكفي أن ندخل سوقاً تجارياً حتى ندرك حجم الكارثة: خمسة بالمئة من الواجهات فقط مخصص للخضار والفواكه، في ما يفترض أن تشكل هذه الأطعمة الركيزة الأساسية لغذائنا. لم تعد الفواكة والخضار تغزي أحداً. يكفي أن نراقب ردة فعل طفل أمام تفاحة أو إجاصة أو عنقود عنب، أو أمام الفاصولياء، أو الحبوب على اختلافها حتى نراه ممتعضاً ويوافقه الأهل رأيه.إن ما يثير الشهية هي الأطباق المالحة جداً والحلويات الغنية بالسكر والنكهات الاصطناعية. ونظراً لكثرة ما نتناوله من نكهات لم نعد قادرين على التمييز في ما بينها، والأسوأ، أن هذه السكريات والأملاح والنكهات تؤجج ما يمكن تسميته "بالاهتياج الغذائي"، الذي تضاعفه لهفتنا لتعويض احتياجاتنا كافة، لا سيما الجنسية منها، فمنهما كانت اعتباراتنا، يبقى الجنس أكثر المحظورات في عصرنا، مما يدفعنا إلى التعويض عنه من خلال تناول الطعام.من نتائج ذلك ازدياد الأمراض، كالسرطان وأمراض القلب والشرايين، والسكري، وترقق العظام. وتعود هذه المشاكل إلى الإفراط في استهلاك دقيق عظام الحيوانات واللحم الأحمر والمنتوجات المشتقة من الحليب ولحم الخنزير والحلويات، تضاف إليها غالباً المشروبات الكحولية والتبغ والقهوة وقلة التمارين الجسدية. يمكن الأخذ في الاعتبار أيضاً ازدياد الوزن، وخصوصاً مع ارتفاع عدد الأسر التي تعاني من السمنة المفرطة. هذا كله يسحق الطاقة الحيوية ويفسد العقول ويقودها إلى الإحباط. فالإنسان في هذه الحال لا يمارس حياته بشكل طبيعي بل يفقد نشاطه ويصاب بالخمول. وبما أن لديه ميلاً طبيعياً للأحاسيس الإيجابية، تعود به الغريزة دوماً إلى الملذات التافعة: كالإفراط في الأكل وشرب الكحول، والتدخين! ويدخل في حلقة مفرغة.وها أن قليلاً من الأمل يظهر في وسط الكارثة، إذ يعتبر كتاب صوفي لاكوست مصدر فوائد لا ينصب. إنه كتاب مميز ينير لنا درب تنقية أجسادنا واستعادة قوانا العقلية والجسدية واسترجاع الطاقة الأساسية، وتحقيق دقيق شجاع ونموذجي يبرهن بذكاء عن قدرة أجسامنا على إصلاح ما تعانيه من اضطرابات.لقد دعم عمل صوفي لاكوست العدد الخاص رقم 36 من مجلة "العلوم والحياة" حيث يربط الباحثون بين حالات شفاء تلقائية من السرطان والعجز عن تناول الطعام، أي الصوم الإكراهي. وهو دافع إضافي لتنكبوا على قراءة هذا الكتاب.