تميز النظام الدولي المعاصر باتساع العلاقات الدولية وتطورها وتداخل المصالح المشتركة بين الدول بشكل متزايد. وكان من نتيجة التطور الهائل في مختلف العلوم وخاصة في مجال وسائل المواصلات والاتصالات الدولية، أن فرض على المجتمع الدولي أن يضع الوسائل الكفيلة في تنظيم العلاقات بين الدول وتسوية المنازعات التي قد تؤدي إلى عواقب وخيمة. وهذا م...
قراءة الكل
تميز النظام الدولي المعاصر باتساع العلاقات الدولية وتطورها وتداخل المصالح المشتركة بين الدول بشكل متزايد. وكان من نتيجة التطور الهائل في مختلف العلوم وخاصة في مجال وسائل المواصلات والاتصالات الدولية، أن فرض على المجتمع الدولي أن يضع الوسائل الكفيلة في تنظيم العلاقات بين الدول وتسوية المنازعات التي قد تؤدي إلى عواقب وخيمة. وهذا ما تطلب البحث عن وسائل يمكن بوساطتها أن تنظم علاقاتها مع بهضا وتنسيق مصالحها عن طريق إنشاء مؤسسات دولةي تتولى تنظيم المصالح الدولية بين الدول بشكل يحقق المنافع المتبادلة للجميع.وكان أفضل ما توصل المجتمع الدولي إلى تحقيقه هو إنشاء الأمم المتحدة التي استطاعت خلال مدة التوازن الدولي أن تحقق العديد من المنجزات وخاصة فيما يتعلق بتحقيق السلم والأمن الدوليين، ومنح الشعوب المضطهدة حقها في تقرير مصيرها ونيلها استقلالها، وإقرار مبادئ حقوق الإنسان عام 1948 واتفاقيات جنيف الأربع الخاصة بحماية ضحايا الحرب عام 1949، والعديد من القواعد القانونية التي تنظم العلاقات بين الدول في وقتي السلم والحرب.وعلى الرغم من الفوائد الكبيرة التي حققتها المنظمات الدولية إلا أن التنظيم الدولي تعرض للعديد من التحديات التي تعيق تطوره بسبب الهيمنة الدولية التي اتجهت إلى فرض إرادتها على الدول الأخرى لتحقيق مصالحها على حساب المصالح الإنسانية، مما جعلها تستغل هذه المنظمات وتحرفها عن مسارها الصحيح، غير أن ذلك لا يعني تراجع أهمية المنظمات الدولية، إذ تبقى الحاجة إليها ملحة لما تقدمه للإنسانية من معطيات كبيرة.وتعددت المنظمات الدولية في الوقت الحاضر، منها منظمات عالمية تضم جميع الدول مثل الأمم المتحدة ومنظمة التجارة العالمية والمنظمات المعنية بالملاحة الجوية والبحرية والاتصالات السلكية واللاسلكية والأرصاد الجوية وغيرها من المنظمات العالمية التي تضم جميع أو غالبية دول العالم. وبالنظر إلى كثرة هذه المنظمات سنختار أهمها هما: الأمم المتحدة والتجارة العالمية.وشهد المجتمع الدولي ظاهرة المنظمات الإقليمية السياسية مثل الاتحاد الأوروبي ومنظمة الوحدة الإفريقية ومنظمة جنوب شرقي آسيا "آسيان" والكوننولف الروسي ومنظمة المؤتمر الإسلامي وجامعة الدول العربية ومجلس التعاون لدول الخليج العربية والاتحاد المغاربي والعديد من المنظمات الإقليمية الأخرى. وبالنظر إلى تعدد المنظمات الإقليمية وتنوعها فقد اختيار مؤلف هذا الكتاب جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي لانضمام الدول العربية جميعها إلى المنظمتين المذكورتين. حيث تناول دراسة هذه المنظمات ضمن مجموعتين وهما: المنظمات العالمية والمنظمات الإقليمية ويسبقهما البحث في نظرية المنظمة الدولية في الأبواب الثلاثة الآتية: الباب الأول: النظرية العامة للمنظمة الدولية، الباب الثاني: المنظمات الدولية، الباب الثالث: المنظمات الإقليمية.