ظلّ كتاب «في فنون الطيب والعطر » معدودا إلى وقت قريب من مؤلّفات ابن الجزّار المفقودة. لكنّ الأستاذين الراضي الجازي وفاروق العسلي، المختصّين في التراث الطبّي التونسي عموما وفي مؤلّفات ابن الجزّار بالخصوص، تمكّنا من الاطّلاع على مخطوط المكتبة السليمانية باستانبول، فتولّيا تحقيقه تحقيقا علميّا دقيقا. وفي مقدّمة الكتاب، يقول ابن الج...
قراءة الكل
ظلّ كتاب «في فنون الطيب والعطر » معدودا إلى وقت قريب من مؤلّفات ابن الجزّار المفقودة. لكنّ الأستاذين الراضي الجازي وفاروق العسلي، المختصّين في التراث الطبّي التونسي عموما وفي مؤلّفات ابن الجزّار بالخصوص، تمكّنا من الاطّلاع على مخطوط المكتبة السليمانية باستانبول، فتولّيا تحقيقه تحقيقا علميّا دقيقا. وفي مقدّمة الكتاب، يقول ابن الجزّار إنّ «الطّيب كلّه نافع للدماغ والقلب والكبد وهو يُطيّب النفس ويحدث السرور ويشجّع ويقويّ الجسد وخاصّة المعدة .» ويعرض المؤلّف نظريّة طريفة حول إدراك الروائح وتذوّقها. ويصف عدّة تركيبات وضعها بنفسه أو رواها عن مؤلفين قدامى مثل يوحنّا بن ماسويه الذي يذكره مرّات عديدة ويبيّن أنّه جرّب بنفسه هذه التركيبات فوجدها «محمودة .» خصّص ابن الجزّار فصلا للأصول التي تدخل في جميع العطور، وأفرد فصولا للعبير والغوالي والدهان والبخورات واللخالخ والخلوقات وطيب الثياب والأشنان والمسوح، الخ... ويتّضح أنّ هذه العطور المركّبة ليس الهدف منها جماليّا فحسب، بل لها منافع في علم الطبّ والتداوي. وفي الجملة فإنّ كتاب «فنون الطيب والعطر » مؤلّف نفيس يتضمّن فوائد علميّة وتاريخيّة وحضاريّة جمّة.
