خرجتُ مِني، انطلقت من ذاتي، حاولت الابتعاد عنِّي، لطالما ضقت ذرعًا بي، الآن بإمكاني أن أنظر إلى العالم بطريقة أكثر رحابة، بمنظاري الخارجي، لا أثر لي عليَّ، ولا أثر لآخرين على ردود أفعالي ...تنسمت الهواء، واستنشقت بخار الماء، لم يكن بإمكاني أن أفعل ذلك سابقًا، لكن خروجي الآن كان غير ذي معزل عن الآخرين، كان خروجًا أدركه مؤقتًا، خر...
قراءة الكل
خرجتُ مِني، انطلقت من ذاتي، حاولت الابتعاد عنِّي، لطالما ضقت ذرعًا بي، الآن بإمكاني أن أنظر إلى العالم بطريقة أكثر رحابة، بمنظاري الخارجي، لا أثر لي عليَّ، ولا أثر لآخرين على ردود أفعالي ...تنسمت الهواء، واستنشقت بخار الماء، لم يكن بإمكاني أن أفعل ذلك سابقًا، لكن خروجي الآن كان غير ذي معزل عن الآخرين، كان خروجًا أدركه مؤقتًا، خروج أمامهم، على حضورٍ غير ذي قيمة منهم، قبل الخروج رسمت داخلي وجوههم وملامحهم جيدًا، بتجعدات بعضها، بمساحيق البعض الآخر، بما يشوبهم أحيانًا من تبسمِ طارئ أو عارض، قبل خروجي تأكدت من استفزاز أرواحهم، واستنفار التلاقي، حتى يكون الخروج ذا بال!...لأول مرة أتعرض لمهمة من هذا النوع، طالت معاناتي كثيرًا حولهم، وبينهم، حرت مثلهم في أمرهم، الآن أعرف ما يكنون، وأدع ما يُظهِرون، ساءلتُني طويلاً لم أشغل نفسي بالمظهر إذا كنت داخلاُ إلى اللب والجوهر، ووجدتني أجيب بثقة واطمئنان، لأن النفوس محصنة بتلك الدروع، أما الأرواح فلا حصن لها، وإذا قابلت أرواحهم كما هي، فلربما التبست علي روحٌ من آخرين، أو ساءني اندماج مندمجين !! ...سَرَّ خروجي أن تتبسم بعض أرواحهم لملاقاتي، وإن أبدى البعض الآخر الاستياء، حالة كهذه يصعب التكهن بعواقبها، لكني مقتحم، ومقدم أيًا كانت العواقب، الأمر ليس أكثر من عرض وطلب، إما أن يقبلوا فأنال مرامي، أو يرفضوا فتعمل نفسي استعدادها اليسير لملاقاة وشيكة !أنفر من أن أعد لكل حضورٍ هيئة، ولكل مجلسٍ مقام! شروعي الآن نحوهم يمنحني شعور ما بتسلط، حتى هذا أنفر منه، بأيهم أبدأ، وكل الأرواح تبدو ساكنة، على يقين من اشتباك ما! لبعض الأرواح أثر في أجسام أصحابها، سأبدأ بأكثرهم بعدًا، على اعتبار أن العودة للقريب أيسر !.