تأتيك "فتنة الزؤان" من عوالم بعيدة، وكأنها عوالم حكايات وأساطير ألف ليلة وليلة، عوالم مسحورة توقظ كوامن الخيالات، كما تحرك الساكن من المشاعر والأحاسيس الملتفة بغموض تلك العوالم السحرية. يأخذك إبراهيم الكوني إلى حيث تلك السماء الشاسعة، والأرض المترامية الأطراف، إلى صحراءه المسكونة به والمسكون بها، والتي يستمد من صمتها وسكونها، كم...
قراءة الكل
تأتيك "فتنة الزؤان" من عوالم بعيدة، وكأنها عوالم حكايات وأساطير ألف ليلة وليلة، عوالم مسحورة توقظ كوامن الخيالات، كما تحرك الساكن من المشاعر والأحاسيس الملتفة بغموض تلك العوالم السحرية. يأخذك إبراهيم الكوني إلى حيث تلك السماء الشاسعة، والأرض المترامية الأطراف، إلى صحراءه المسكونة به والمسكون بها، والتي يستمد من صمتها وسكونها، كما من زوابعها وتحركات رمولها قصة فتى متيم بحب صبية آتية من قبيلة تنام وتستيقظ على أساطير تناقلتها الألسن والأنفس جيلاً بعد جيل. والصبية التي قيّم بها الفتى رآها الجميع حولاء بلهاء، إلا أنها سكنت في عينيه كصورة حسناء رائعة الجمال، حكيمة، ولكن وبعد القران ينكشف المشهد عن مخلوقة أخرى، مخلوقة يسكنها الجن. قالت له بعد القران بزمن طويل: "المسكون لا يصلح قريناً لمسكون. فهل كانت ستكرهه بحكم هذا الناموس حتى ولو لم تكتشف سر القصيدة؟ ألم يقل حكماء القبيلة أن العاطفة المقدسة تصير دنساً إذا انتهت إلى قران؟.. أم أن السر كامن في طبيعة الحب الذي يتبد ويزول إذا لم يستطع أن يبدد موضوع الحب، إذا لم يبدد المحب والمحبوب معاً؟ فهل من طبيعته أن يزول إذا لم يزل الإنسان بسببه؟". لن يقف القارئ في رواية إبراهيم الكوني تلك على أعتاب المشهد الروائي والعقدة السردية، سيتجاوزها شغفاً ويمضي متأنياً في استبطان تلك المعاني الفلسفية الحياتية الرائعة التي تسري كالنسغ في سطور ذاك العمل الأدبي المبدع.