عقد الBOT هو الجزء السادس من سلسلة الأبحاث القانونية المقارنة، التي عقدت العزم عن طريقها على البحث في عقود ومواضيع جديدة، ابتكرها رجال الأعمال، ونظمت أحكامها التشريعات، وانتشرت في العالم الرحب على نطاق واسع تجاوز حدود الدولة الجغرافية إلى رحاب العالم الاقتصادي الذي لا يعرف الحدود، والذي أصبح مع تطور العلوم قرية الكترونية.والحقيق...
قراءة الكل
عقد الBOT هو الجزء السادس من سلسلة الأبحاث القانونية المقارنة، التي عقدت العزم عن طريقها على البحث في عقود ومواضيع جديدة، ابتكرها رجال الأعمال، ونظمت أحكامها التشريعات، وانتشرت في العالم الرحب على نطاق واسع تجاوز حدود الدولة الجغرافية إلى رحاب العالم الاقتصادي الذي لا يعرف الحدود، والذي أصبح مع تطور العلوم قرية الكترونية.والحقيقة أن مثل هذه العقود، ذات الصفة الدولية، لاقت نجاحاً منقفطع النظير، وانبثق عنها تقنيات متطورة، وواكبتها رؤوس أموال ضخمة، وشركات متخصصة، وجهت نشاطها نحو آفاق عالمية، وتزينت بأرقى العلوم وأكثرها تطوراً وملائمة، مما ساهم في الاتجاه نحو نظام العولمة، وما رافقه من إيجابيات وسلبيات، وما انبثق عنه من اتساع نشاط المؤسسات الكبيرة وابتلاعها المؤسسات الصغيرة التي أصبحت محدودة النشاط، واضطرار الدول النامية إلى الدخول في هذا النظام، ولو على حسابها، وإلا فاتها الركب، وقبعت في زوايا التخلف.وأدى التنافس بين الشركات ذات النشاط الدولي ومنها تلك التي تعنى بالاستثمار البترولي، وشق الإنفاق برّاً وبحراً، والتجهيزات العسكرية والطبية والتعليمية، وتجهيزات الماء والكهرباء والاتصلات السلكية واللاسلكية وتحلية مياه البحار، وسواها، إلى تحسين أداء هذه الشركات، وتطورها العلمي والتكنولوجي، والابتكار في خلق الأساليب التي تعبر عن خصوصيتها وجودة أدائها، وتؤمن لها سبل النجاح والتخصص في بعض الأعمال والنشاطات، مما أدى بدوره إلى إنماء الوعي الاجتماعي والتقدم العلمي.ولقد ساهمت عقود ال BOT في تنفيذ تطور مفهوم وظائف الدولة والمال العام والإنفاق، بعدما بدأت الدولة منذ عقود، بتطوير نشاطها ووظائفها، من الدولة الدركي (L’Etat gendarme) إلى دولة الرحمان، وأخذت تتدخل في الأنشطة التجارية والصناعية والزراعية والخدمية والتعليمية والصحية والتربوية والإنمائية وسواها.ومع هذا التطور الذي استلزم موازنة عامة ضخمة من أجل القيام بوظائف الدولة الحديثة، بدأ التفكير بأنجع الأساليب التي تؤمن لها التوازن المالي من دون أن تلجأ إلى فرض المزيد من الضرائب، التي يئن الشعب تحت وطأتها، فوجدت أن أنجع الأساليب وأسلمها هو إشراك القطاع الخاص في خدمات القطاع العام.وكان السؤال! هل يحق للقطاع الخاص أن يتدخل في وظائف القطاع العام، ولا سيما إذا كانت هذه الوظائف، مما يجب إحاطتها بالسرية التامة، كالتسلح مثلاً، وإنشاء التجهيزات والتحصينات العسكرية وسواها.وكان الجواب في بعض جوانبه، في ابتداع فكرة عقود ال BOT، حيث توكل الدولة إلى شركات القطاع الخاص (شركة المشروع) مهمة القيام بأعمال تدخل في نشاطات القطاع العام، عن طريق منح هذه الشركات امتيازات وفقاً للأصول التي ينص عليها الدستور والقوانين التي ترعى هذه الامتيازات، من أجل تنفيذ بعض الأعمال والمشاريع التي هي أساساً من وظائف القطاع العام، على أن تمول الشركات الخاصة المشار إليها هذه المشاريع بأموالها الخاصة، من دون أن ترهق الموازنة العامة، أو تكلف الإدارة العامة بأية نفقات، وعلى أن تؤمن استعادة نفقاتها ومصاريفها وتأمين أرباحها، مما تستوفيه من رسوم، مباشرة من أبناء الشعب الذين يستفيدون من خدمات المشروع، شرط أن يتم ذلك كله تحت سيطرة وإشراف ورقابة القطاع العام، وتحديدا الإدارة المانحة، التي تحدد مقدار الرسوم وكيفية استيفائها، كما تعين كيفية تنفيذ المشروع، والإشراف عليه، وربما فرض العقوبات على شركة المشروع إذا استلزم الأمر ذلك، وإلزامها القيام ببعض الإعمال الإضافية، أو الإستغناء عن القيام ببعضها الآخر مما هو متفق عليه. وعلى أن تؤمن الإدارة حقوق المتعهد (شركة المشروع) في جميع الأحوال.ولما كان عقد الBOT من العقود التي تكون الإدارة العامة طرفا فيه، وهو يتعلق بإنشاء وتنفيذ مرفق عام، ويتضمن بنودا خارقة، نظراً لحق الإدارة في أن تفرض على شركة المشروع إلتزامات، بصرف النظر عن قبولها أو عدم قبولها بهذه الإلتزامات، فينطبق عليه إذن صفة العقد الإداري.وفي هذا السياق رأى الكاتب أنه من المناسب أن يخصص فصلاً تمهيدياً مستقلاً، وإن كان مقتضباً، للعقد الإداري، يكون مدخلا إلى دراسة عقد ال BOT فقسم الكتاب إلى الفصول الآتية: فصل تمهيدي: العقد الإدارية الفصل الأول: ماهية عقود ال BOTوأشكالها والتمييز بينها وبين العقد وطبيعتها القانونية. الفصل الثاني: أهمية عقد ال BOT. الفصل الثالث: إنشاء عقد ال BOT. الفصل الرابع: آثار عقد ال BOT. الفصل الخامس: التحكيم في عقد ال BOT. الفصل السادس: إنهاء عقد ال BOT.وتوجه هذا الكتاب إلى المهتمين بدراسة هذا النوع من العقود من القانونيين ورجال الأعمال والإقتصاد لتعم به الفائدة