هكذا الإنسان خلق من شأن الدنيا وشأن الآخرة، فإذا جمع الله بينها صارت حياته في الأرض لأنه نزل من شأن السماء إلى الدنيا، فإذا فرق الله بينهما صارت تلك الفرقة الموت ترد شأن الأخرى إلى السماء، فالحياة في الأرض، ولاموت في السماء، وذلك أنه يفرق بين الأرواح والجسد، فردت الروح والنور إلى القدس الأولى، وترك الجسد لأنه من شأن الدنيا، وإنم...
قراءة الكل
هكذا الإنسان خلق من شأن الدنيا وشأن الآخرة، فإذا جمع الله بينها صارت حياته في الأرض لأنه نزل من شأن السماء إلى الدنيا، فإذا فرق الله بينهما صارت تلك الفرقة الموت ترد شأن الأخرى إلى السماء، فالحياة في الأرض، ولاموت في السماء، وذلك أنه يفرق بين الأرواح والجسد، فردت الروح والنور إلى القدس الأولى، وترك الجسد لأنه من شأن الدنيا، وإنما فسد الجسد في الدنيا لأن الريح تنشف الماء فييبس فيبقى الطين فيصير رفاتاً ويبلى، ويرجع كل إلى جوهره الأول، وتحركت الروح بالنفس حركتها من الريح، فما كان من نفس المؤمن فهو نور مؤيد للعقل، وماكان من نفس الكافر فهو نار مؤيد بالفكر، فهذه صورة نار، وهذه صورة نور. والموت رحمة الله لعباده المؤمنين ونقمة على الكافرين. والموت هو عبارة على مفارقة الروح للجسد، وهو واحد وإن تعددت الأسباب له. وللموت زمان ومكان محددين، وله أيضاً كيفيات وطرق وعند خروج الروح من الجسد - الأمر الذي يستغرق وقتاً يختلف من شخص لآخر ويؤثر عليه عذاباً أو سعادة – ينتقل الإنسان من عالم الدنيا إلى عالم القبر أو البرزخ، وذلك بعد إجراء عدة واجبات تبتدئ بغسل لبن الميت مروراً بتكفينه والصلاة عليه وإنتهاء بدفن بدنه تحت التراب. هذا بالنسبة للبدن. أما الروح، فإن لها أعمالاً تساعد على تسهيل خروجها أو نزوعها من البدن وإرتياحها من عذاب الفراق ووحشة القبر كقراءة القرآن عند الميت وتلقينه الشهادتين. وعند وضع الميت في قبره يكون قد دخل في عالم البرزخ متنقلاً إلى ما وعد به كل إنسان من عذا ب أو ثواب في ذلك العالم كل حسب أعماله في الدنيا وسلوكه فيها. هذه حقيقة الموت التي سوف يأتي شرحها في هذا الكتاب من حيث أبحاث الموت ومراتبه وصفاته وما ينجي من أهواله وما يتعلق به والهدف تعريف المسلم بكل تلك الأمور