إن إقامة العدل بين الناس جوهر نظرية الدولة وقد قامت الدولة أساساً لتحقيق هذا الهدف الذي بدونه تفقد سبب وجودها وتصبح خاوية من معناها، واستقامة الأداء الحاكمة، إنما تقاس بقدر نصيب هذه الأداء من التوفيق في تحقيق العدالة المعلقة عليها والتي لا يهنأ للناس عيش بدونها وتمثل على الدوام محط آمالهم.وازدهار أجهزة العدالة شرط أساسي لاستتباب...
قراءة الكل
إن إقامة العدل بين الناس جوهر نظرية الدولة وقد قامت الدولة أساساً لتحقيق هذا الهدف الذي بدونه تفقد سبب وجودها وتصبح خاوية من معناها، واستقامة الأداء الحاكمة، إنما تقاس بقدر نصيب هذه الأداء من التوفيق في تحقيق العدالة المعلقة عليها والتي لا يهنأ للناس عيش بدونها وتمثل على الدوام محط آمالهم.وازدهار أجهزة العدالة شرط أساسي لاستتباب الأمن، لأنه إذا توانت هذه الأجهزة في النهوض برسالة العدالة، أقام الناس العدالة لأنفسهم بأنفسهم، على ما فيهم من العلل والنزوات والأهواء، وصارت أمورهم فوضى وانتهى بهم المآل إلى إطاحة الأقوى منهم بالأضعف وإفناء الأقوياء بعضهم بعضاً.وإذا أساء الحكم ضبط المباراة، أنشب المتبارون أظافرهم بعضهم في بعض وهذا هو الشأن كذلك في مباراة الحياة حين لا تحسن الدولة القيام فيها بعمل الحكم. ولا شك في أن المسئولين عن أجهزة العدالة، وإن تفشت بهم العيوب. فالعصمة لله وحده- لازال الذكاء الذهني والصلاح الخلقي يمثلان شيمتهم الغالبة وقد كان هذا ولا يزال من فضل الله.غير أن التبصير على الدوام بمواطن القصور ومواضع الزلل في أجهزة العدالة تشريعية كانت أم قضائية أم تنفيذية، ضرورة لابد منها، كما في كل جهاز، لتحسين مستوى الأداء الذي يشبع للمواطنين ححاجة حيوية وذلك مرادنا من هذا الكتاب.