تعتبر الدعاية في العصر الحديث من النشاطات الاتصالية المؤثرة في حياة الأفراد والمجتمعات والتي تمارس بشكل مستمر من جانب الحكومات والأفراد والمؤسسات، لما لها من دور بارز في تغيير مجرى أمم وشعوب نتيجة تطورها عبر تاريخ البشرية الطويل، وقد أزادت أهميتها بعد الإحداث الدولية التي شهدها القرن العشرين خاصة خلال الحرب العالمية الأولى والثا...
قراءة الكل
تعتبر الدعاية في العصر الحديث من النشاطات الاتصالية المؤثرة في حياة الأفراد والمجتمعات والتي تمارس بشكل مستمر من جانب الحكومات والأفراد والمؤسسات، لما لها من دور بارز في تغيير مجرى أمم وشعوب نتيجة تطورها عبر تاريخ البشرية الطويل، وقد أزادت أهميتها بعد الإحداث الدولية التي شهدها القرن العشرين خاصة خلال الحرب العالمية الأولى والثانية التي استخدمت فيها الدعاية بشكل واسع ما بين الدول المتحاربة بعدما تبين لهم مدى تأثير الدعاية، وقد وصفت الحرب العالمية الثانية بالحرب الدعائية بسبب سعة استخدام الدعاية وتأثيرها الفعال على الرأي العام العالمي نتيجة التطورات التي تلاحقت على وسائل الإعلام والتي ساهمت في تشكيل المواقف.ونظراً لتأثيرها وأهميتها فقد أصبحت الدعاية بعد هذه الأحداث علما مستقلا من علوم الإعلام يقوم على الاستخدام العلمي المدروس للأساليب الإقناعية لتغيير وتعديل الأفكار والاتجاهات نظراً لما طرأ عليها من تغيير على طرق وأساليب تقليدية إلى طرق وأساليب متطورة، وأصبحت تعتمد على أسس وقواعد علمية منهجية تستند إلى جملة من العلوم والنظريات وتستخدم تقنيات علمية حديثة تساعدها على تحقيق الأهداف التي ترمي إليها. وتتميز الدعاية بأنها عملية اجتماعية تحقق وظيفة اتصالية في المجتمع، وأنها نشاط إنساني يهدف إلى التأثير في سلوكيات الآخرين والعمل على تعديل بعض الأفكار والآراء والمعتقدات في أذهانهم، كما وتتميز الدعاية بأنها عملية نفسية تخاطب العواطف وتستخدم جميع الوسائل للوصول إلى أهدافها، فقد غدت الدعاية بوسائلها وطرقها المختلفة لها دوراً بارزاً على المستوى الداخلي للدول لإحداث تأثير في الجماهير أو على المستوى الخارجي لإحداث تأثير في الرأي العام العالمي. كما وأصبحت تلعب دوراً أساسياً وواسعاً في المجتمع الدولي والعلاقات الدولية التي تعد إحدى الوسائل الهامة التي تلجأ إليها الدول لتنفيذ سياستها ومخططاتها الداخلية والخارجية، بعد أن كانت تقتصر على كونها أداة ووسيلة سياسية أو عسكرية تستخدم زمن الحرب، أما الآن فقد أصبحت تستخدم في وقت السلم وتستحوذ على أبعاد أخرى لها دور فاعل في العالم الحديث كالأبعاد الاقتصادية، والاجتماعية والعلمية، والثقافية، والتجارية وغيرها.ويعتبر هذا الكتاب محاولة متواضعة لتقديم موضوع الدعاية بصورة أتمنى أن تكون موضوعية شاملة حول ماهية الدعاية وأساليبها وأهدافها، وأهم المدارس الدعائية والأساليب التي اتبعتها والتي أصبحت نموذجاً يقتضى به، نظراً لما تحويه الدعاية في العالم الحديث من أهمية وتأثير على الرغم من تعدد المؤلفات التي تناولت هذا الموضوع، ولذلك فقد رأت الباحثة التعمق ببعض مواضيع الدعاية وخاصة المدارس الدعائية العالمية. وبناء على ذلك فقد احتوى هذا الكتاب على خمسة أبواب رئيسية، تناول الباب الأول التعريفات الأجنبية والعربية لمفهوم الدعاية وعناصرها نظراً لارتباطها بكثير من العلوم والأساليب الأخرى، ونشأة وتطور الدعاية منذ وجود الخليقة مروراً بالعصور القديمة والوسطى والحديثة. وركز الباب الثاني على الخصائص العامة التي تتصف بها الدعاية، والقواعد الرئيسية العامة التي يجب أن يتبعها الداعية عند استخدام وصياغة الدعاية، بينما احتوى الباب الثالث على تقسيمات الدعاية وأساليب الدعاية التي تم اتباعها عبر مراحل التاريخ الحديث، وأما الباب الرابع فقد ركز على الشائعات بشكل مفصل نظراً لأهميتها والتي تعتبر من أهم أساليب الحرب النفسية الحديثة، فيما جاء الباب الخامس بأهم المدارس الدعائية العالمية نظراً للأحداث الدولية التي حصلت خلال القرن العشرين وتعدد الأنظمة السياسية التي ظهرت خلال ذلك القرن والتي استخدمتها في صراعاتها خلال الحرب العالمية الأولى والثانية.