العولمة ظاهرة العصر ومهما كثرت الكتابات حولها فإنها ستبقى إلى أمد بعيد الموضوع الأكثر إثارة للجدل على المستويين النظري والتطبيقي. فما هذه الظاهرة؟ وما أبعادها؟ وما العوامل التي أدت إليها؟ وما تأثيرها في المجتمعات عامة، والعربية خاصة؟ وما أثرها على "الدولة" بوصفها نظاماً مؤسسياً قائماً على مفهوم السيادة بالدرجة الأولى؟هذه الأسئلة...
قراءة الكل
العولمة ظاهرة العصر ومهما كثرت الكتابات حولها فإنها ستبقى إلى أمد بعيد الموضوع الأكثر إثارة للجدل على المستويين النظري والتطبيقي. فما هذه الظاهرة؟ وما أبعادها؟ وما العوامل التي أدت إليها؟ وما تأثيرها في المجتمعات عامة، والعربية خاصة؟ وما أثرها على "الدولة" بوصفها نظاماً مؤسسياً قائماً على مفهوم السيادة بالدرجة الأولى؟هذه الأسئلة هي جزء يسير من أسئلة كثيرة يمكن طرحها إزاء هذه الظاهرة الفريدة. فالعولمة ذات طبيعة جدلية تحتمل الاجتهاد ضمن إطار تعدد الآراء وتفاعلها؛ إذ يرى بعضهم أنها ظاهرة إيجابية وينبغي - من ثم- الانخراط فيها، فيما يرى آخرون أنها سلبية ومن الواجب مواجهتها، وينبري طرف ثالث للجمع بين الرأيين السابقين في توليفة أكثر عقلانية وتروياً فيدعو أصحابها إلى ضرورة الاستفادة من الفرص التي تقدمها؛ مثل عولمة وسائل الاتصال وانتشار تقنية المعلومات، وتجنب أو مواجهة السلبيات التي تنتج عن بعض تطبيقاتها؛ مثل الهيمنة الاقتصادية أو الثقافية أو السياسية.وأياً كانت المواقف إزاء العولمة وما تفضي إليه من جدل، فإن هناك حقيقة غير قابلة للدحض مفادها أن التطورات التي ما زالت تتلاحق بوتيرة عالية في جميع المجالات العلمية، وبخاصة في تقنية المعلومات والاتصالات وما تؤدي إليه من قفزات هائلة على كل صعيد، أحدثت ما اصطلح على تسميته بـ"ثورة ما بعد الحداثة"، فكانت العولمة - بمعناها العلمي الشامل وليس الأيديولوجي الضيق- استجابة حتمية لتلك الثورة المتعاظمة.