ينبغي على دول منطقة الخليج والشرق الأوسط الكبير متابعة ما يجري في العراق من أحداث وتطورات سياسية واقتصادية واجتماعية متابعة دقيقة؛ لأنه إذا ما أصبح العراق بلدا ديمقراطيا ينعم بالاستقرار والازدهار، فإن الوضع الجديد سينعكس بقوة وإيجابية على دول المنطقة. أما في حال انزلاق العراق إلى الفوضى، فإن العواقب ستكون لا محالة كارثية. ومن ثم...
قراءة الكل
ينبغي على دول منطقة الخليج والشرق الأوسط الكبير متابعة ما يجري في العراق من أحداث وتطورات سياسية واقتصادية واجتماعية متابعة دقيقة؛ لأنه إذا ما أصبح العراق بلدا ديمقراطيا ينعم بالاستقرار والازدهار، فإن الوضع الجديد سينعكس بقوة وإيجابية على دول المنطقة. أما في حال انزلاق العراق إلى الفوضى، فإن العواقب ستكون لا محالة كارثية. ومن ثم، فمن الواضح أن تطور الأحداث في العراق سيكون له تأثير سلبي على الدول المجاورة.إن توافر الأمن الداخلي والاستقرار شرطان أساسيان لإطلاق عملية إعادة الإعمار في العراق. ولكن هناك من يرى أن الحاجة إلى المهارات المتخصصة بهدف توفير خدمات البنية التحتية الأساسية مثل القيام بأعمال الشرطة وإصلاح الآليات ينبغي أن تحل محل الحاجة إلى التسليح العسكري. ولذا فإن توافر الأمن وشيوع الاستقرار والشفافية في المؤسسات هي عناصر مهمة لاجتذاب رأس المال الأجنبي. غير أن أعمال التخريب المتواصلة ما زالت تسهم في تفاقم الوضع وتعطيل عملية إعادة الإعمار. ومن الواضح أن شركات النفط الكبرى ترغب في استقرار الأوضاع في العراق وإقامة حكومة وطنية شرعية مخولة لتوقيع الاتفاقيات الطويلة الأمد، كما أنها تنشد الوضوح والشفافية في الخطط المالية التي تعتمدها الحكومة العراقية. ويضاف إلى ذلك أن الانفتاح التدريجي لصناعة النفط العراقية سيدفع الشركات النفطية العالمية إلى التفكير جديا في الاستثمار في القطاع النفطي العراقي. وفي هذه الحالة، ستشتد المنافسة بين الشركات. وعندئذٍ ستحتاج منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) إلى إعادة النظر في استراتيجياتها النفطية.إن مفاهيم السيادة والشرعية والسلطة والمحاسبة والمصالح القومية للعراق ما زالت مجرد نظريات وتطلعات؛ إذ تختلف الأهداف التكتيكية القصيرة المدى عن المكاسب الاستراتيجية الطويلة المدى. وما زال من السابق لأوانه التكهن بملامح المشهد العام الذي سيعم العراق. وعلى الرغم من ذلك فإن العراق على الأرجح سيظل مقسماً، إلى حد ما، على أسس طائفية. وفي هذا الإطار تمتلك الأحزاب الشيعية الإسلامية حظوظا قوية لتحقيق السيطرة السياسية على مقاليد الأمور في العراق. ويمكن أن يتأصل حكم القانون وتترسخ مؤسسات المجتمع المدني بحيث تشكل سابقة في الحياة العامة في العراق. ونتيجة لذلك كلّه يمكن أن يفرز هذا الوضع سيناريوهين رئيسيين بالنسبة إلى منطقة الخليج: السيناريو الأول قد يولد بيئة يسودها السلم والتعاون والتقدم، وتعزز الاتجاه نحو خفض النفقات الدفاعية في المنطقة كما تركز على تعزيز التجارة والتنمية الاقتصادية. أما السيناريو الثاني فيقوم على استمرار بيئة الانفلات الأمني والتوتر، وهنا قد يؤدي اختيار إيران المضي قدما في تطوير برنامجها النووي إلى استفحال الوضع. ومن المحتمل أن يدفع هذا السيناريو دول الخليج إلى مزيد من التعبئة العسكرية والتصعيد. وفي هذه الحالة، يمكن أن يؤسس العراق جيشاً كبيراً ويسعى إلى امتلاك الأسلحة النووية.