يرى الإمام "محمد مهدي شمس الدين" مؤلف هذا الكتاب أن الخلاف حول حدود "ولاية الحاكم الشرعي على الطلاق". من الأبحاث الفقهية الأصيلة للإمام الشيخ محمد مهدي شمس الدين، رضوان الله عليه. وقد حرص على إتمام هذا البحث في السنوات الأخيرة من حياته الزاخرة بالعطاء، رغم الشواغل الكثيرة التي كانت تتوزع جهده واهتمامه في المجالات السياسية والوطن...
قراءة الكل
يرى الإمام "محمد مهدي شمس الدين" مؤلف هذا الكتاب أن الخلاف حول حدود "ولاية الحاكم الشرعي على الطلاق". من الأبحاث الفقهية الأصيلة للإمام الشيخ محمد مهدي شمس الدين، رضوان الله عليه. وقد حرص على إتمام هذا البحث في السنوات الأخيرة من حياته الزاخرة بالعطاء، رغم الشواغل الكثيرة التي كانت تتوزع جهده واهتمامه في المجالات السياسية والوطنية والاجتماعية والثقافية على الصعيدين العربي والإسلامي. ذلك أنه لم يشأ يوماً أن يغادر موقعه الأصلي كفقيه كمجتهد مجدد، لعلمه بحاجة الأمة إلى أعلام المجاهدين في هذا المجال الحيوي. حتى أنه أتم بعض أبحاثه الفقهية وهو على فراش مرضه الأخير، من مثل كتاب (أحكام الجوار في الشريعة الإسلامية-بحث فقهي مقارن في الاجتماع المدني الإسلامي".وفي هذا الكتاب الجديد (فساد العلاقة الزوجية وولاية الحاكم الشرعي على الطلاق) الذي نزفه إلى القراء المهتمين، ولا سيما المتخصصين من بينهم، يمكن القول إن الإمام شمس الدين يقدمن إنجازا جديداً، لا بل فتحاً جديداً، على طريق إنصاف المرأة في المجتمع الإسلامي، استناداً إلى أحكام الشريعة. وهو، أي هذا الكتاب، يضاف إلى أبحاثه الثلاثة السابقة في "فقه المرأة"، التي وضعها تحت عنوان لتولي السلطة، الستر والنظر.يرى المؤلف أن الخلاف حول حدود ولاية الزوج على الطلاق، تضييقاً وتوسيعاً، إنما يعود إلى تباين الفقهاء في فهم النصوص التشريعية والروايات التأسيسية (القرآن والسنة) من جهة، كما يعود إلى الحالة الثقافية-الاجتماعية وتطورها في الزمان والمكان من جهة ثانية. ولا يخفى ما لهذين البعدين من تأثير متبادل، كما لا يخفى تأثيرهما على وضعية المرأة في إطار العلاقة الزوجية، لجهة حقها (حدود حقها) في طلب الطلاق والحصول عليه.لا ريب في ولاية الزوج على الطلاق وعدمه في الجملة، ما دامت علاقته بزوجته سوية مستقيمة في نطاق المعروفة وفي نطاق حدود الله تعالى، أي أوامره ونواهيه وما نصب في الآيات من الخلع والطلاق والرجعة والعدة {تلك حدود الله فلا تعتدوها}، كذلك لا كلام في ولايته هذه فيما إذا كانت علاقته بزوجته شاذة منحرفة، ولم تطالب الزوجة بالطلاق (رضيت بحالها)، ولم يكن هذا التعدي مفضياً إلى ارتكاب المحرمات العامة.وعليه يكون مدار البحث في الإطار التالي: تعدي الزوج عن حدود الله في معاملته لزوجته، بحرمانها من حقوقها في المعاملة والنفقة والحياة الجنسية، اختياراً أو اضطراراً أو عجزاً منه، ورفعها أمرها إلى الحاكم الشرعي أو وكيله مطالبة بالطلاق، ورفض الزوج هذا الطلاق وإصراره على إمساكها عنده إمساكاً ضرارياً. في هذه الحالات تسقط ولاية الزوج على الطلاق وعدمه، وتنتقل هذه الولاية إلى الحاكم الشرعي الذي يستطيع إجراء الطلاق باعتباره ولي الممتنع.هكذا ينتصب الحاكم الشرعي (القاضي) مدافعاً عن حقوق المرأة-الزوجة في إطار الشريعة الإسلامية والمعاملة الإنسانية، فضلاً عن واجبه في الدفاع عن حدود الله تعالى.هذا كتاب لا غنى عنه لكل زوج وزوجة يريدان أن يقفا على حقوق كل منهما وواجباته حيال الآخر، ولا غنى عنه لكل قاض شرعي يريد أن يحكم بما أنزل الله.