على الرغم من أنه لم تظهر بعد نظرية شاملة في دراسة المشكلات الاجتماعية، فإن الأمر ربما يكون بسبيله إلى التحقق.في عام 1973 يعلق Kitsuse and Spector على ذلك بقولهما "إن الجملة السابقة لم تتغير لمدة عشرة سنوات، وخلال ثلاث طبعات لواحد من أهم وأوسع الكتب انتشاراً في الموضوع، يجعلنا نعتقد أن ظهور نظرية شاملة لدراسة المشكلات الاجتماعية ...
قراءة الكل
على الرغم من أنه لم تظهر بعد نظرية شاملة في دراسة المشكلات الاجتماعية، فإن الأمر ربما يكون بسبيله إلى التحقق.في عام 1973 يعلق Kitsuse and Spector على ذلك بقولهما "إن الجملة السابقة لم تتغير لمدة عشرة سنوات، وخلال ثلاث طبعات لواحد من أهم وأوسع الكتب انتشاراً في الموضوع، يجعلنا نعتقد أن ظهور نظرية شاملة لدراسة المشكلات الاجتماعية أمراً لم يكن بسبيله إلى الإنجاز أبداً" .وفي عام 1976 يعود Merton and Nisbet بصياغة جديدة للجملة الأولى قائلين "بالرغم من التأكيد على عدم وجود نظرية شاملة متسقة تحظى بالقبول العام، فإن اتفاق مدارس علم الاجتماع على مجموعة من الأفكار الأساسية يوضح – وبالتحديد – كيف أن نظريات الانحراف المعاصرة تكمل بعضها البعض عند تناول الجوانب المختلفة لنفس المشكلات" .اليوم وبعد مرور ما يزيد عن خمسة وعشرين عاماً على هذه الجملية الأخيرة، فإن الموقف لم يتغير كثيراً، فمازالت هناك مداخل نظرية متعدد في علم الاجتماع يتناول كل منها جانباً محدداً عند دراسة المشكلات الاجتماعية، بل إنه أحياناً ما يصلح مدخل بعينه لدراسة مشكلة معينة أكثر من غيره. وبصفة عامة لا يجب النظر إلى أي مدخل نظري على أنه صواب أو خطأ، وبدلاً من ذلك فإنه يجب التعامل مع المداخل النظرية المختلفة على أنها أدوات مختلفة، كل أداة تعد مفيدة في تحليل مشكلات اجتماعية معينة. علاوة على ذلك فإنه لكي نصل إلى فهم متكامل لأي مشكلة، فإن استخدام أكثر من مدخل يبدو أمر معقول بل ومطلوب إلى حد كبير.وعلى الرغم من تعدد المداخل النظرية في علم الاجتماع في دراسة المشكلات الاجتماعية، إلا أنه يمكن تصنيف هذه المداخل من حيث مستوى الدراسة والتحليل إلى نمطين أساسيين:النمط الأول: وهو المدخل الواسع النطاق (الماكرو) Macro، الذي يهتم بدراسة وتفسير المشكلات الاجتماعية في ضوء البناء الإجتماعي، وذلك من خلال التركيز على الجماعات الكبيرة والنظم الاجتماعية، وعلى المجتمع ككل، ويحاول هذا المدخل الواسع النطاق رسم صورة للطريقة التي يعمل بها العالم مع وضع بناء المجتمع داخل نطاق هذه الصورة، ثم يطرح تصوراً عن كيفية ارتباط المشكلات الاجتماعية بهذا البناء. ومن أبرز نماذج هذا المدخل الواسع النطاق المدخل الوظيفي، المدخل الصراعي.يذهب المدخل الوظيفي إلى أن المشكلات الاجتماعية تظهر عندما يصاب البناء الإجتماعي للمجتمع بحالة من التفكك والاضطراب. على حين يذهب المدخل الصراعي إلى أنه عندما يسمح البناء الإجتماعي للمجتمع بوجود أي شكل من أشكال الاستغلال، أو سيطرة إحدى جماعات المجتمع على الأخرى، فإن ذلك يتولد عنه صراع يعد المصدر الأساسي في ظهور المشكلات الاجتماعية.النمط الثاني: وهو المدخل الضيق النطاق (الميكرو) Mecro حيث يركز هذا المدخل في دراسته وتحليله للمشكلات الاجتماعية على التفاعلات والعلاقات الشخصية للحياة اليومية بين أفراد المجتمع، وبالتالي فإن مجال دراسته – إلى حد كبير – هو سلوك الأفراد، والجماعات الصغيرة ومن أبـرز نماذج هذا المدخل، المدخل التفاعلي، وما يطلق عليه "نظرية الوصم أو التسمية".