تتزايد المعلومات بشكل مطرد يصعب معه تتبعه، إذ تشير الدراسات الحديثة إلى أن السنوات العشر الأخيرة شهدت كما من المعلومات يعادل كمية المعلومات التي أنتجتها البشرية على مدى القرون المنصرمة، بل أن م عدل دورة إعادة إنتاج معارف البشرية معرض للانخفاض بشكل حاد، كما أن مصادر الحصول عليها بازدياد ونماء أيضا. لقد اتخذت الجهود العلمية في الت...
قراءة الكل
تتزايد المعلومات بشكل مطرد يصعب معه تتبعه، إذ تشير الدراسات الحديثة إلى أن السنوات العشر الأخيرة شهدت كما من المعلومات يعادل كمية المعلومات التي أنتجتها البشرية على مدى القرون المنصرمة، بل أن م عدل دورة إعادة إنتاج معارف البشرية معرض للانخفاض بشكل حاد، كما أن مصادر الحصول عليها بازدياد ونماء أيضا. لقد اتخذت الجهود العلمية في التغلب على مشكلة التزايد اللامحدود في حجم المعلومات وصعوبات تقصي المعلومات خلال السنوات الماضية مسارين رئيسين هما:- تركيز العديد من دراسات علم المعلومات على التحسين والتطوير في عملية فهم طبيعة المعلومات ومكوناتها وكيفية حصرها وتجميعها وتبويبها وتصنيفها وتحليلها بهدف الاستفادة منها بفاعلية عالية.- ظهور ورواج تكنولوجيات المعلومات وتطورها والتي تستخدم في التحكم بالمعلومات وتجميع البيانات ومعالجتها وتخزين المعلومات وتحديثها واسترجاعها وبثها وتوزيعها.ومن هنا يشير إلى أن القصور الذي يشوب معرفتنا بموضوع اقتصاديات المعلومات يمثل في حقيقة الامر مسألة مخيبة للآمال، بخاصة اذا ما ادركنا بأن الدراسات في هذا الموضوع ظهرت منذ الستينات من القرن الماضي. اذ اسهم التداخل بين هذين الحقلين المعرفيين وهما الاقتصاد والمعلومات في نمو هذا المجال المعرفي الجديد الذي جاء كما يشير (Lambert on , 1984:3) كرد فعل لفشل النظرية الاقتصادية القائمة على بعض الافتراضات غير الواقعية حول قدرة صانعي القرارات في المنظمات المختلفة في الحصول على المعلومات المؤكدة والكافية عند صنع مثل هذه القرارات، وقاد هذا التفكير العالم الاقتصادي (جورج ستيجلر) في مقالته عن تكاليف انجاز البحوث عندما اشار الى المعلومات ليست مدخلات مجانية الامر الذي افضى الى ايجاد مسلمات اكثر واقعية عن البيئة المعلوماتية ضمن النظرية الاقتصادية. ولم يأت رد الفعل هذا من الفراغ وإنما استند على عدة من المرتكزات الفكرية الجوهرية بخصوص الأوصاف الفريدة والمتميزة للمعلومات بوصفها موردا ثمينا أو منتجا اقتصاديا يباع ويشترى في إطار نظريات العرض والطلب، وأيضاً النظرة إلى المعلومات بوصفها مدخلات ومخرجات في ان واحد فضلاً عن التأثير الكبير للمعلومات على الأنشطة الاقتصادية المختلفة زيادة ونقصانا، الى جانب تأثيرات خصائصها غير العادية على السلوك الانساني وعلى بيئة عمل الجماعات والتنظيمات وفي تقدم المجتمعات بشكل عام، من هنا يتناول هذا الكتاب هذا الموضوع الحيوي الذي يحظى باهتمام كبير ليس على مستوى الأكاديميين المتخصصين في مجال المعلومات والاقتصاد والإدارة فحسب بل على مستوى قيادات الدول وإدارات المنظمات بعد ان فاقت أهمية قطاع المعلومات أهمية القطاعات الأخرى الزراعية والصناعية والخدمية وبعد أن أصبح هذا القطاع محور اقتصاديات الدول المتقدمة وتلك التي تسعى إلى تحقيق التقدم والنمو. ومما يؤسف عليه في وطننا العرب والاسلامي هو عدم ارتقاء الاهتمام بالمعلومات إلى المستوى المنشود سواء على المستوى الرسمي أو الاكاديمي أو التجاري وحتى على مستوى الوعي الفردي، ويستدل على ذلك من عدم وجود الخطط المنظمية أو الوطنية أو القومية أو الإقليمية التي تعنى بموضوع المعلومات والاستثمار فيها، وان الجهود المبذولة بهذا الاتجاه ضعيفة ومتعثرة وغير متكاملة.ويهدف هذا الكتاب إلى معرفة الجوانب المختلفة لاقتصاديات المعلومات وتوضيح أبعاد العلاقة بين الاقتصاد والمعلومات في إطار نظام المعلومات الإدارية واعتماد تكنولوجيا المعلومات في تطبيقات هذا النظام. ولحقيق هذا الهدف جاء هذا الكتاب شاملاً في تغطية المفردات التي يمكن أن تنطوي عليها هذه المادة بحيث اشتمل على ستة فصول. استعرض الأول الجهود الفكرية التي أسهمت في تطويرا لمفاهيم الأساس لاقتصاديات المعلومات وفي بناء المنهجية الملائمة لدراستها. ويتناول الثاني أهمية دراسة اقتصاديات المعلومات على المستويات الدولي والوطني والمنظماتي والفردي، ويتضمن الثالث أهمية الخصائص الاقتصادية للمعلومات ويحلل الرابع الآراء التي ذكرت بخصوص الاستثمار في المعلومات وتكنولوجيا المعلومات، ويتناول الخامس موضوع تكلفة المعلومات والمداخل المعتمدة في قياس هذه التكلفة وتصنيفاتها وينتهي الكتاب بالفصل السادس الذي يحدد المقصود بقيمة المعلومات وآلية احتسابها في ضوء الإنتاج الفكري وتحليل اتجاهات الرواد الأوائل الذين أسهموا وتناولوا الجوانب المختلفة لقيمة المعلومات.