الحداثة حركة انفصال، إنها تقطع مع التراث والماضي، ولكن لا لنبذه وإنما لاحتوائه وتلوينه وإدماجه في مخاضها المتجدد. ومن ثمة فهي اتصال وانفصال، استمرار وقطيعة: استمرار تحويلي لمعطيات الماضي وقطيعة استدماجية له. هذا الانفصال والاتصال تمارسه الحداثة حتى على نفسها، فما يسمى الحداثة حتى على نفسها، فما يسمى ما بعد الحداثة لا يمثل مرحلة ...
قراءة الكل
الحداثة حركة انفصال، إنها تقطع مع التراث والماضي، ولكن لا لنبذه وإنما لاحتوائه وتلوينه وإدماجه في مخاضها المتجدد. ومن ثمة فهي اتصال وانفصال، استمرار وقطيعة: استمرار تحويلي لمعطيات الماضي وقطيعة استدماجية له. هذا الانفصال والاتصال تمارسه الحداثة حتى على نفسها، فما يسمى الحداثة حتى على نفسها، فما يسمى ما بعد الحداثة لا يمثل مرحلة تقع خارج الحداثة «وبعدها» إنه أقرب ما يكون إلى مراجعة الحداثة لنفسها لنقد بعض أسسها وتلوينها، فإذا ما غلب على دينامية الحداثة منطق الفصل و القطيعة فإن ذلك وسم المراحل الظافرة للحداثة في ذروتها لتعود إلى توسيع وتليين آليتها ابتداء من منتصف القرن العشرين. وقد رافقت كل هذه التحولات سمات فكرية وفلسفية كبرى أهمها العلق والعقلانية حيث غدا العلق الحسابي و النقدي هو معيار كل معرفة ومرجعها الحاسم إلى درجة جعلت منتقدي الحداثة يعيبون عليه كونه عقلا أداتيا وإرادة إرادة- بتعبير هيدجر- تفتقد الغايات القصوى والأهداف والمعاني السامية. وقد حاولنا في هذا الدفتر مراعاة كل جوانب ومستويات الحداثة سواء من حيث أسسها الفلسفية أو من حيث مظاهرا السياسية والاجتماعية، أو من حيث مظاهراها السياسية والاجتماعية المختلفة، طارحين في النهاية تساؤلات حول علاقتنا بالحداثة آملين أن نقدم لكل من الطالب والباحث والقارئ مادة خصبة للتفكير في مختلف جوانب هذه الظاهرة الشائكة،من منظورات متعددة.