شهدت مقولة حقوق الإنسان في العقود الأخيرة، توظيفها واستثمار إيديولوجيا واسعا. لكن لم يلغ المصداقية الذاتية لهذه المقولة الإنسانية، بل إنه على الرغم من كل أشكال الاستثمار والتوظيف فإنها لم تزدد إلا رسوخا في الفكر السياسي المعاصر. يضرب مفهوم حقوق الإنسان، بجذوره البعيدة في الفكر القديم وفي فكر العصور الوسطى لدى مختلف الديانات والم...
قراءة الكل
شهدت مقولة حقوق الإنسان في العقود الأخيرة، توظيفها واستثمار إيديولوجيا واسعا. لكن لم يلغ المصداقية الذاتية لهذه المقولة الإنسانية، بل إنه على الرغم من كل أشكال الاستثمار والتوظيف فإنها لم تزدد إلا رسوخا في الفكر السياسي المعاصر. يضرب مفهوم حقوق الإنسان، بجذوره البعيدة في الفكر القديم وفي فكر العصور الوسطى لدى مختلف الديانات والمذاهب التي شهدت تبلور اتجاهات فكرية ذات منزع إنساني. إلا أن النشأة الحقيقية لمفهوم حقوق الإنسان يرتبط بالتحولات التاريخية و الفكرية التي حدتث في أوربا منذ عصور النهضة، و التي بلغت ذروتها في القرن الثامن عشر في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و المواطن الذي أعلنته الثورة الفرنسية سنة 1789. إلا أن تبلور حقوق الإنسان في مواثيق، ثم في معاهدات مؤسسية ترعاها المنظمات الدولية قد هيأت له لا فقط هذه الأحداث والثورات التاريخية الكبرى التي حدثت في أوربا وأمريكا إبتداء من أوائل القرن الثامن عشر، بل أسست له كذلك مدارس واتجاهات فلسفية وحقوقية عددية. والمهمة الأساسية لهذا الكراس هو تعريف الباحث والطالب والقارئ على هذا المخاض الفلسفي الذي نشأت فيه حقوق الإنسان كحقوق متميزة ومعترف بها، وبوجود أساس متين لها.