لقد واجه الإنسان منذ أن وجد على سطح هذا الكوكب كماً لا حصر له من المشكلات التي وقفت حائلاً دون تحقيق أهدافه، ونجح في التغلب على بعضها، وفي أحيان كثيرة تمكن من التعاطي معها والتكيف وفق متغيراتها المتباينة حيناً آخر.وفي جميع الأحوال فقد كان سعي الإنسان منذ أمد بعيد – ولا يزال- العمل على تحسين مستوى معيشته ورفاهيته من خلال تسخير بي...
قراءة الكل
لقد واجه الإنسان منذ أن وجد على سطح هذا الكوكب كماً لا حصر له من المشكلات التي وقفت حائلاً دون تحقيق أهدافه، ونجح في التغلب على بعضها، وفي أحيان كثيرة تمكن من التعاطي معها والتكيف وفق متغيراتها المتباينة حيناً آخر.وفي جميع الأحوال فقد كان سعي الإنسان منذ أمد بعيد – ولا يزال- العمل على تحسين مستوى معيشته ورفاهيته من خلال تسخير بيئته الطبيعية والاجتماعية ليحيا حياة سعيدة.وفي خضم الكم الهائل من المشكلات التي بدأت تفرض نفسها نتيجة الانفجار المعرفي الهائل في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية وغيرها من المجالات، أصبح التفكير والإبداع ضرورة حتمية للتمكن من التغلب على حل المشكلات التي أصبحت أحد الملامح الرئيسة للألفية الثالثة.وبناءً على ما تقدم فإنّ التكيف مع متطلبات العصر يتطلب توافر قدرات إبداعية لدى الأفراد على اختلاف مواقعهم، وفي هذا السياق يتساءل قادة المجتمعات من رجال الفكر والسياسة والاقتصاد وغيرهم، عما إذا كان بالإمكان تطوير القدرات الإبداعية لدى الأفراد ومساعدتهم على التفكير بشكل يمكنهم من التصدي للمشكلات التي تواجههم، والعمل على حلها حلاً إبداعياً.إنّ مراجعة متعمقة لأدبيات تعليم وتعلم التفكير والإبداع تظهر بوضوح أن التفكير والإبداع مهارات وقدرات قابلة للتعلم كأي مهارة أخرى من خلال إعداد البرامج التدريبية المناسبة.ولهذا ازداد الاهتمام العالمي بموضوع التفكير بشكل ملحوظ في النصف الثاني من القرن العشرين، سيما عقد الثمانينيات منه، وتمثل ذلك الاهتمام في الكثير من نماذج التفكير والبرامج التدريبية والبحوث والدراسات واتفاق الأقوال القائلة للنهوض بهذا المجال الحيوي وتطويره، عملاً بمبادئ التربية الهادفة بكل أبعادها إلى تنظيم التفكير عند المتعلمين، وتمكينهم من استثمار أقصى حد ممكن من قدراتهم وطاقاتهم الإبداعية.وكما هو معروف فإن التفكير أرقى أشكال النشاط العقلي لدى الإنسان، وهو الهبة العظمى التي منحها الله تعالى للإنسان، وفضله بها على سائر مخلوقاته، والحضارة الإنسانية هي خير دليل على آثار هذا التفكير، إنه العملية التي ينظم بها العقل خبرات الإنسان بطريقة جديدة لحل المشكلات وإدراك العلاقات. ونظراً لأهمية التفكير كعملية عقلية راقية في تطوير قدرات الفرد على شكل سلوكات ذكية تتأتى نتيجة ممارسة عمليات تفكير عليا تعمل على رقي الفرد وتقدم المجتمع على حد سواء، فقد حظي هذا الموضوع باهتمام الفلاسفة والعلماء منذ أمد بعيد، واجتهد المنظرون في مجالاتهم المختلفة في تفسير هذه الظاهرة، وإدراك أسرارها رغبة منهم في تطوير استراتيجيات ومناحٍ تساعدهم على تطوير هذه العملية؛ بما يجعل الإنسان قادراً على توظيفها في تكيفه وتحسين ظروف حياته في مجالاتها المختلفة.من هذا المنطلق جاءت فكرة كتاب يحمل عنوان تطبيقات عملية في تنمية التفكير باستخدام عادات العقل، في محاولة من المؤلف لإثراء خبرات المتخصصين في مجال تعليم وتعلم التفكير، ومن ناحية ثانية بث وتشجيع تعليم وتعلم التفكير من خلال برامج تربوية مستقلة صريحة، تحمل في طياتها أهداف نبيلة تتمثل في جعل التفكير عملية مستمرة في حياة الأفراد.وقد تناول هذا المؤلف خمسة فصول:جاء الفصل الأول الذي عُنون بتعليم التفكير، حيث تضمن تعريف التفكير، وطبيعته ومستوياته، عناصره، وعملياته، ومبادئ أساسية في تطوير العمليات العقلية ، ومن ثم التعرف إلى مهارات التفكير المحورية، واختتم الفصل بالتعريف بالاتجاهات الرئيسة في تعليم وتعلم التفكير.وتناول الفصل الثاني برامج تعليم التفكير، من حيث ماهية برامج تعليم التفكير، ومن ثم استعراض مجموعة من برامج التفكير العالمية، من مثل برنامج كورت، وبرنامج أدوات التفكير لتوجيه الانتباه، وبرنامج مهارات التفكير العليا، وبرنامج الإغناء الو سيلي، ودراسة اكتشاف اهتمام الطلبة، وبرنامج الأوديسا، وبرنامج الفلسفة للأطفال، والاستيعاب وبرنامج حل المشكلات، وبرنامج البناء العقلي، وانتهاءً ببرنامج الحل الإبداعي للمشكلات TRIZ.فيما احتلت عادات العقل الفصل الثالث، حيث تم التعريف بماهية عادات العقل، وعرض ومناقشة مستفيضة لاتجاهات أو مناظير تفسير عادات العقل، من مثل عادات العقل وأبعاد التعلم، ومنظور هيرل لعادات العقل، ومنظور دانيالز لعادات العقل، ومشروع (2061) لعادات العقل، وعادات التفكير للعقل والقلب والخيال للقرن الحادي والعشرين، والعادات السبع لأكثر الناس فاعلية، وعادات العقل للتفكير الناقد في التمريض، و منظور سايزر وماير لعادات العقل، ومنظور عادات العقل لكوستا وكاليك، ومن ثم وصف مفصل لعادات العقل وفق رؤية كوستا وكاليك، إضافة إلى أهمية عادات العقل في المجال التربوي، وعادات العقل والدماغ، وعادات العقل ونظرية الذكاء المتعدد، واستعراض الدراسات البحثية في مجال عادات العقل، وانتهى الفصل بتعقيب على الدراسات البحثية في مجال عادات العقل.وجاء الفصل الرابع بعنوان قياس وتقويم عادات العقل، من حيث عادات العقل والتقويم الحقيقي، والذي تناول قواعد التصحيح، والسجلات القصصية، وملف أعمال الطالب (حافظة أداء)، ومشاريع التقويم، إضافة إلى تعريف الباحثين المتخصصين بالمقاييس المتوافرة لقياس عادات العقل، من حيث دلالات صدق وثبات الصورة الأردنية لمقياس عادات العقل، والذي تضمن الخصائص السيكومترية من مثل، الصدق الظاهري، وصدق المحكمين، والصدق التجريبي، وصدق البناء، و ثبات المقياس وإيماناً من الباحث بأهمية تجسير الفجوة ما بين النظرية والتطبيق فقد خصص الفصل الخامس والأخير من هذا المؤلف للتطبيقات العملية من خلال إعداد برنامج تدريبي لتنمية التفكير باستخدام عادات العقل، والذي اشتمل على ستة عشر لقاءً تدريبياً، تضمن مقدمة نظرية تستند إلى رؤية كوستا وكاليك لعادات العقل، والهدف العام للبرنامج التدريبي، والنتاجات التعلمية المتوقعة من البرنامج التدريبي، واستراتيجيات مقترحة لتنفيذ لقاءت البرنامج التدريبي، ومن ثم اقتراح استراتيجيات تقويم للبرنامج التدريبي.