لا يهدف هذا الكتاب إلى جمع المعرب والدخيل، ولتبيان مدى كثرة اقتراض العربية من مصطلحات ومرادفات من اللغة الأخرى، وإنما هدفه تبيان قوة لغة القرآن وبالتالي قدرتها على الأخذ والإعطاء من جهة، وإظهار مدى تمادي المحدثين في استقبائهم من اللغات المحتضرة اليوم، حتى بات بعضهم يتصور عجز العربية عن احتواء العلوم الحديثة، واقتصارها على لغة ال...
قراءة الكل
لا يهدف هذا الكتاب إلى جمع المعرب والدخيل، ولتبيان مدى كثرة اقتراض العربية من مصطلحات ومرادفات من اللغة الأخرى، وإنما هدفه تبيان قوة لغة القرآن وبالتالي قدرتها على الأخذ والإعطاء من جهة، وإظهار مدى تمادي المحدثين في استقبائهم من اللغات المحتضرة اليوم، حتى بات بعضهم يتصور عجز العربية عن احتواء العلوم الحديثة، واقتصارها على لغة الأدب والشعر.وإذا رخص القدماء لأنفسهم استيراد الدخيل وتعريبه لحاجات معينة، فإن المعاصرين اليوم يتمادون بالدخيل والتعريب تباهياً بمعرفتهم لتلك اللغات، ولا سيما الغربية، وفي الوقت الذي كانت الجامعات في سورية تحض على تدريس الطب والعلوم الأساسية باللغة العربية، نرى بعض الجامعات العربية تفرض اللغة الإنكليزية على تدريس هذه العلوم وغيرها كالتجارة.وقد اقترضت العربية قديماً من: الفارسية، والآرامية، والقبطية، والهندية، والبربرية، والحبشية، اليونانية، واللاتينية، والعبرية، واقترضت في العصر الحديث من: الفرنسية، والإنكليزية، والإيتالية، والألمانية، والإسبانية، والمجرية، والروسية..ولهذا رأى الباحث "محمد التونجي" لزاماً عليه ألا يكتفي بجمع هذه المعربات وإنزالها في معجم واحد، بل يعمد أيضاً إلى دراستها دراسة فنية دقيقة، يكشف فيها أسباب هذا الكم الواسع، وأنواع هذه المفردات المعربة، وإذا كان لبعضها بديل أو لا، ولماذا عرب العرب مفردات لها بديل؟ ولماذا لم يكن لبعضها مرادف في العربية؟وهكذا فقد قسم عمله هذا إلى خمسة فصول، ضم الفصل الأول دراسة لغوية للمعرب والدخيل، ومفهومهما، والقنوات التي انطلقت منها هذه المفردات، وأسباب تسربها إلى العربية، والسبل التي خدمت هذا التسرب، والعوامل التي أكثرت منه، والقواعد العامة التي وضعها العلماء منهجاً لكشف المعرب. وخصص جانباً منه لتعريب العرب القدماء للفارسية، واليونانية، واللاتينية.وانتقل الفصل الثاني لعلماء التعريب بين الأمس واليوم، وتوقف عند مبدع هذا النوع من التصنيف وهو الجواليقي، ثم استعرض أعمال من جاء بعده كالخفاجي، والسبكي، والسيوطي. واستعرض دور علماء التعريب المحدثين كإدي شير، وأحمد تيمور.. وبين أوهام المعربين المعاصرين.درس في الفصل الثالث التعريب قديماً، وكيف نقلوا من الحبشية، واليونانية، واللاتينية، والعبرية، والسريانية، والهندية، والفارسية، والتركية، مع نماذج لكل لغة.وانتقل في الفصل الرابع إلى التعريب حديثاً، وكان مقصوراً على اللغات الغربية بفعل الحضارة والهيمنة. وبين سبب غزو جيوش الدخيل من هذه اللغات على بعد الشقة. وبرهن على ذلك بنماذج من هذه المعربات، كل بحسب نوعه ومجاله.وبسط في الفصل الخامس ثلاث موضوعات في مرآة المعرب والدخيل، وهي: المعرب في القرآن الكريم، والمعرب في الحديث النبوي، ورتب فيهما المعربات بحسب التسلسل الألف بائي، والمعرب في الشعر العربي وأسبابه ونماذج قليلة متفرقة من المعرب والدخيل مما ورد في الشعر القديم، مرتباً كذلك.