عن أخطر ما يواجه الجيل في بلادنا هو هبوط وعيه بالماضي البعيد والقريب واقتصاره على الانطلاق من اللحظات الراهنة لأن أبناءها لم يحيطوا بالماضي علماً، وخطورة هذه الظاهرة تتمثل في انعكاساتها على الواقع ومقارنة هذا الجيل حاضر بلاده يحاضر البلدان من دون أي قدر من المقارنة بين ماضي بلاده يحاضر وماضي تلك البلدان الأخرى.وإن تاريخنا الحديث...
قراءة الكل
عن أخطر ما يواجه الجيل في بلادنا هو هبوط وعيه بالماضي البعيد والقريب واقتصاره على الانطلاق من اللحظات الراهنة لأن أبناءها لم يحيطوا بالماضي علماً، وخطورة هذه الظاهرة تتمثل في انعكاساتها على الواقع ومقارنة هذا الجيل حاضر بلاده يحاضر البلدان من دون أي قدر من المقارنة بين ماضي بلاده يحاضر وماضي تلك البلدان الأخرى.وإن تاريخنا الحديث كتاريخنا القديم تماماً حلقات متقطعة غير موصولة ولا نكاد نعرف عنه سوى أقل القليل لأن أحداً من المؤهلين لكتابة وقائع النصف الأول من هذا القرن لم يجرؤ على الكتابة، كما أن الأحياء المعمرين الذين عايشوا وقائع وأحداث هذا القرن من بدايته، لا يريدون أن يدلوا بشهاداتهم التي من حصيلتها سيكون التاريخ ويستخرج المؤرخون صورة صحيحة أو قريبة من الصحة لما حدث ابتداءً من رحيل الأتراك عن اليمن إلى اختفاء نظام الفوضى والسيطرة الذي ارتدى ثياب الإمامة والملكية والخلافة.وبظهور هذا الكتاب عن الثورة الدستورية (ثورة 1948) والذي يضم ذكريات أربعة من الأحياء الذين عايشوا وقائع وأحداث تلك المحاولة الرائدة وفي مقدمتهم المشير عبد الله السلال أحد الرموز النضالية وأول رئيس جمهورية في تاريخ هذه البلاد، بدأ التاريخ يخرج للعلن ليصحح المفاهيم المغلوطة عن أهم الأحداث التاريخية التي شهدتها البلاد في العصر الحديث، كما أن هذا الكتاب محاولة رائدة لرد الاعتبار للثورة المعذورة التي كان الجهل بها سبباً في تجاهل أبطالها الحقيقيين وفي إنكار الدور الذي لعبته في إنضاج وعي الحركة الوطنية وامتداد مظاهر تأثرها من المدينة إلى الريف ومن الداخل المحاصر إلى الخارج المفتوح.