لفرجة أصل الانبثاق الفن، ومرصد الإصابة فيه أو الإخفاق على مدى أجيال وفي مواقع متناثرة على جغرافية الوجود البشري مشدوداً بعضه إلى بعض في صلات اجتماعية وعقدية ثقافية وسلوكية شاملة. ومنذ ستينات القرن المنصرم وهي مستأثرة ببؤرة الاهتمام في الدراسات الأنثروبولوجية والفلكلورية والمسرحية، ضدا على الارتكاز على المقاربات النصية بعيداً عن ...
قراءة الكل
لفرجة أصل الانبثاق الفن، ومرصد الإصابة فيه أو الإخفاق على مدى أجيال وفي مواقع متناثرة على جغرافية الوجود البشري مشدوداً بعضه إلى بعض في صلات اجتماعية وعقدية ثقافية وسلوكية شاملة. ومنذ ستينات القرن المنصرم وهي مستأثرة ببؤرة الاهتمام في الدراسات الأنثروبولوجية والفلكلورية والمسرحية، ضدا على الارتكاز على المقاربات النصية بعيداً عن تحقيقاتها الإنجازية هي هيئة فرجوية.ولقد أكدت قابلية "الفرجة" لاحتواء قضايا شائكة ومتشعبة من قبيل: السلطة والتاريخ والأصالة والتناص، على حضور الدراسات المتصلة بها كبؤرة لانبعاث الثقافة ووسيط عاكس لها -من وجه- وحضور أثرها المستمر على ذاكرة المتلقي، برغم آنيتها المتمثلة في زوال تجليتها بتوقف الإنجاز -من وجه ثان-، مثلما أكدت بحميميتها الكامنة في مظهرها الشعبي، غير فاصلة بين المؤدين والجمهور، أنها تفتح أفقاً جديداً للإبداع ينجب فعلة جدداً للفرجة، ويفتح طاقات الإنتاج على عوالم متناسلة من الخلق والتجديد في مضاميرها..كما أنها تتيح مجالاً أرحب للرصد العلمي من قبل الباحثين في حقولها، ناهيك بالبعد الرمزي الذي تشغله "الفرجة الشعبية" المذوبة لحدود الفصل بين عوالم العام والخاص والوهم والحقيقة. ولذلك فإنها تتأبى على الاختزال في فضاء محصور يستتبع استعصاء الدراسات الفرجوية على الانضباط لحدود التعريف، ويفضي-بالتالي-إلى شغلها فضاء "مابينياً" يتيح لدراسات الفرجة أن تراوح بين "المسرح" و"الأنثروبولوجيا"، و"الفلكلور" و"السوسيولوجية"، و"التاريخ"، و"نظرية الفرجة"، و"التجنيس"، و"التحليل النفسي"، و"الفرجوي"، و"أحداث الفرجة"...ولعل في مداخلات الندوة التي يضم هذا الكتاب مادتها وفي تنوع عناوين محوريها الرئيسين، ما يؤكد حقيقة انفتاح أفق "الفرجة" على مجالات معرفة أرحب، لا تتحد إلا بتركيز الباحث على زاوية نظر أو دائرة تناول يرمي من خلال حصر المعالجة في إحديهما إلى تقريب المخاطب من تصوره لموضوع الطرح، أو إشراكة في تتبع فرضية تلامس ذلك الموضوع، فمن قراءة أنثروبولوجية لآفاق تحديث الفرجة المغربية: تنطلق من زخم الثقافة الشاملة، وترتد إلى المرجعيات الإنسانية الأساس، متتبعة آثارها المتوالدة بالمثاقفة -كونيا-والتثقيف والبلورة-مغربياً-.إلى رصد للصلة بين ما هو "فرجوي" وما هو "مقدس" من خلال عينة من "الطقوس" المقترنة-أنثروبولوجياً-ببعد فرجوي من أبعاد الحقل المسرحي. إلى مقاربة سيميو تاريخ/جغرافية لنمط فرجوي عرفته بقع من الجزيرة العربية، في محطات تاريخية معينة. إلى محاول للكشف عن وشائج الاتصال بين "المسرح" و"الأنثروبولوجيا" لعالم "الفرجة".إلى تأكيد ذات الأطروحة بمعالجة توافقها في نقط وتفاربقها في أخرى، منطلقة من مكون حصري هو "المكون الفرجوي في المسرح المغربي"، مستثارة من تساؤلات متشابكة أملتها الأطروحة المصدر، ومنتهية إلى تحديد الفرق بين "المتسرح" و"الفرجة"، وبين "الفرجوي" و"الفرجة" ذاتها. إلى سبر نفسي لحالة مسرحية من خلال استقراء متن محدد يفضح اعتمالات شخصية محورية، ويعلي مستوراً مكبوتاً في دهاليز حناياها..إلى رصد يحيط بكافة أشكال الفرجة في علاقتها بالمسرح من وجه، وبالأنثروبولوجيا من وجه آخر، من خلال الربط المستكنه لحقيقة الصلة بين حدود مصطلح "الأنثروبولوجيا" ومجال "الفرجة" في الحق المسرحي، والمفضي إلى أن المسرح والأنثروبولوجيا صنوان متلازمان تلازماً ضفرياً: لا ينتقض مشكلة منهما حتى يتداعى له الثاني بالانتقاض.. كل ذلك عبر هيكلة التنازل في هندسة تمتاح، في تخطيطها، من خصوصية صاحب الرصد: فقيد الفن والبحث فيه وحوله، المشمول برحمة الله تعالى الدكتور محمد الكغاط... وهي خصوصية أبت إلا أن تواشج في دخيلته، بطريقة حميمة متجذرة، بين "حب التمثيل" و"تمثيل الحب".