لا تنبع أهمية هذا الكتاب من معالجة أهمية الجولان الاستراتيجية، وموقعها في الصراع العربي-الصهيوني، على المستويات الجيوسياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية والاستيطانية والمائية بالنسبة إلى إسرائيل فحسب، وإنما لأن الذين شاركوا في كتابة فصوله الأربعة عشر، هم أكثر البحّاثة الإسرائيليين، فمنهم من كان، ولا يزال، له كبير الأثر في بلور...
قراءة الكل
لا تنبع أهمية هذا الكتاب من معالجة أهمية الجولان الاستراتيجية، وموقعها في الصراع العربي-الصهيوني، على المستويات الجيوسياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية والاستيطانية والمائية بالنسبة إلى إسرائيل فحسب، وإنما لأن الذين شاركوا في كتابة فصوله الأربعة عشر، هم أكثر البحّاثة الإسرائيليين، فمنهم من كان، ولا يزال، له كبير الأثر في بلورة ووضع مجمل الرؤى والتصورات الإسرائيلية حيال موضوع الجولان، ومنهم من شارك عملياً في مفاوضات التسوية الجارية منذ مؤتمر مدريد وحتى أيامنا هذه.وإذ يستعرض هذا الكتاب مختلف المواقف ووجهات النظر في نهاية المطاف، في موقفين اثنين، الأول يدعو إلى الاحتفاظ بهضبة الجولان، كضرورة أمنية ووجودية استراتيجية إسرائيلية، في مقابل التوصل إلى تسوية حول الجولان. أما الموقف الثاني، فيعتبر أن التوصل إلى تسوية مع سوريا حول الجولان سينهي الصراع العربي-الصهيوني ويكرس الوجود الصهيوني في المنطقة، ويفتح تالياً الباب على مصراعيه أمام هذا الوجود وإدخاله في نسيج المنطقة.ويتتبع الكتاب المواقف السورية الاستراتيجية والتكتيكية طوال مراحل الصراع، وخصوصاً بعد حرب حزيران/يونيو 1967، مروراً بحرب تشرين الأول/أكتوبر عام 1974 وتداعياتها، كخروج مصر من دائرة الصراع بعد اتفاقات فصل القوات، انتهاءً بالتحولات الكبرى التي اجتاحت العالم والمنطقة، وانعقاد مؤتمر مدريد كمحصلة لتلك التحولات وأثر ذلك في تشكيل السياسات الاستراتيجية السورية على صعيد الصراع في شكله الأشمل والجولان كجزء منه.وعلى الرغم من محاولات بعض كتّاب فصول هذا الكتاب إضفاء مسحة من الموضوعية على تحليلاتهم واستنتاجاتهم، إلا أن كل خلفياتهم السياسية، تستند أساساً إلى الإسقاطات السياسية والايديولوجية الصهيونية، وارتباطاتها بالأهداف التكتيكية والاستراتيجية للمشروع الصهيوني في مراحل صراعه مع الأمة العربية كافة، وفي معزل عن السياق التاريخي لكثير من قضايا هذا الصراع، ومركبات المنطقة الداخلية.