أخذ المماليك عن أسلافهم الفاطميين عنايتهم بالحركة العلمية والأدبية وساروا على خطاهم في إنمائها وتطويرها وما بنوه في مصر والشام من مدارس ومساجد ومعاهد يشهد لهم بالفضل وحسن الرعاية لأصناف العلوم والمعارف والآداب، وتصنيف الموسوعات، وإذا كانت الغلبة في تلك المؤلفات للصيغة الموسوعية التي يميل فيها الكاتب إلى النقل والجمع والرواية أكث...
قراءة الكل
أخذ المماليك عن أسلافهم الفاطميين عنايتهم بالحركة العلمية والأدبية وساروا على خطاهم في إنمائها وتطويرها وما بنوه في مصر والشام من مدارس ومساجد ومعاهد يشهد لهم بالفضل وحسن الرعاية لأصناف العلوم والمعارف والآداب، وتصنيف الموسوعات، وإذا كانت الغلبة في تلك المؤلفات للصيغة الموسوعية التي يميل فيها الكاتب إلى النقل والجمع والرواية أكثر من ميله إلى التجديد والابتكار فقد كان مرد ذلك على الأرجح إلى عزلة الأدباء، وعدم تمكنهم من القيام برحلات علمية خارج مصر والشام بسبب الحروب المتواصلة من ناحية، وإلى قلة المواطن التي تتنافس فيما بينها على تشجيع الكتاب والأدباء كما كان موجوداً من قبل في العصر العباسي، ولا يمكن إغفال في هذا المجال ما كانت تتعرض إليه علوم الفلسفة والمنطق في هذا العصر من حرب ومكافحة أضعفت ملكات التفكير عند العلماء والكتاب والأدباء. وبالرغم من ذلك فقد ظهر في هذا العصر فريق من الكتاب الثائرين على التقليد والنقل كالنويري والقلقشندي وابن خلدون. وإذا كان عشاق الشعر من الخلفاء والأمراء والوزراء وغيرهم من رجال السلطة الذين كانوا يتلذذون بسماعه ويطربون له قد ذهبوا بذهاب الدولة العباسية واقتطاع الأعاجم للأمصار وحلّ مكانهم من يتلذذ بالقهر والغلبة، ويسهر على تدريب الجند، ويعنى بضبط الدخل والخراج، فإن الشعراء كانوا يملؤون المشرق العربي ومغربه. وإذا صح ما يقال أن الشعر قد أفل نجمه في ظل المغول، ولم ينبع في الأمصار التي حكموها من يستحق الذكر؛ فإن مصر والشام قد حفلتا في ظل المماليك بعدد لا يكاد يحصى من السفراء الذين أغنوا الحياة الأدبية بشعرهم. وقد تنوعت مذاهب الشعراء في العصر المملوكي، وتباينت مقاصدهم وأغراضهم. فمنهم من سار على النهج التقليدي، ومنهم من فضل صنعة البديع، ومنهم من اتجه إلى الشعر العامي، ومنهم من خلط بين هذه المناهج. أما الفنون والأغراض، فقد نظموا فيها جميعاً، وزادوا عليها: الألغاز والأحاجي، والمطارحات الشعرية، والمحاورات والمجاوبات، والنظم في التاريخ والعلوم، والنظم في الصناعات...في هذا الإطار يأتي هذا الكتاب حول الأدب العربي في العصرين المملوكي والعثماني والذي حاول المؤلف من خلاله إعطاء دراسة وافية حول هذا الموضوع أغناها بإعطاء لمحة تاريخية أولاً عن العصر المملوكي نشأته ثم الحياة السياسية فيه والاجتماعية والاقتصادية ثم الثقافية والدينية والأخلاقية متنقلاً من ثم لبيان الجزء الثاني من الموضوع حول الأدب العربي في العصر العثماني والذي استهلت بتقديم لمحة حول سلسلة السلاطين العثمانيين ثم سلسلة نسب الأسرة العلوية ثم تقديم دراسة وافية في هذا العصر حول فنون الشعر التقليدي وأعلام الشعر الصوفي وفنون الشعر المستحدث وفن النثر، ثم لمحة عن أعلام الشعر والنثر فيه.