هذا الكتاب يحاول تقديم "صورة تاريخية" لكيفية تطور قراءة التاريخ من خلال تطور منهج البحث التاريخى نفسه. وإذا كان هذا الكتاب يبحر فى رحلة طويلة فى سفينة "تاريخ التاريخ" منذ بداية البداية حتى اليوم الذى كتبت فيه آخر كلمة فى صفحاته، فإن القصد أن يكشف أن تطور المعرفة التاريخية على امتداد هذه الرحلة الطويلة كان نتاجاً لمحاولات الأمم و...
قراءة الكل
هذا الكتاب يحاول تقديم "صورة تاريخية" لكيفية تطور قراءة التاريخ من خلال تطور منهج البحث التاريخى نفسه. وإذا كان هذا الكتاب يبحر فى رحلة طويلة فى سفينة "تاريخ التاريخ" منذ بداية البداية حتى اليوم الذى كتبت فيه آخر كلمة فى صفحاته، فإن القصد أن يكشف أن تطور المعرفة التاريخية على امتداد هذه الرحلة الطويلة كان نتاجاً لمحاولات الأمم والجماعات لإكتشاف ذاتها من خلال تاريخها، كما أن هذا التطور جاء نتيجة التفاعل الجدلى بين العلم ومنهج البحث على المستوى المعرفى وعلى مستوى الممارسة العملية أيضاً.لقد أبحرت سفينة "تاريخ التاريخ" فى خط مواز لرحلة الإنسان نفسه فى الكون، من طفولة العقل البشرى وزمن الأسطورة أصل العلوم والمعارف فى شكلها الجنينى إلى محاولة استخدام الوسائط الالكترونية وحصاد الفكر الإنساني؛ وتوظيف المنطق، والاستعانة بمنجزات العلوم الأخرى لقراءة الماضى الإنساني، وتوظيف المنطق، والاستعانة بمنجزات العلوم الأخرى لقراءة الماضى الإنسانى. وفى هذه الرحلة الطويلة "قرأ" الناس فى كل مجتمع، وفى كل ثقافة، ولم تكن "قراءة ماضوية" لأن هذه القراءة الأخيرة مستحلية فضلاً عن أنها نوع من الهزيمة الفكرية التى ترتبط بعصور التراجع والتدهور. وتكشف قراءة "تاريخ التاريخ" عن هذه الحقيقة بشكل حاسم، ففى كل ثقافة اقترن تقدم علم التاريخ، وتطور منهج البحث التاريخى (أى قراءة التاريخ) بحركة صعود وتقدم للمجتمع الذى أفرزها.وعلى المؤرخين والباحثين الذين يصرون على تقدم التاريخ فى القوالب القديمة الجامدة ويدركوا أنهم يطرحون نوعاً من "البضاعة" فى سوق لا يريدها. وإذ أقدم جهدى فى هذا الكتاب أرجو أن يكون إضافة تستحق عناء القراءة وأن تكون محاولة ناجحة لقراءة تاريخ التاريخ.