إنَ إعادة نشر كتاب ’الليل الإستماري’ من قبل المؤسسة الوطنية للنشر والغشهار هي اولا وقبل كل شيئ تحية مستحقة لإصرار وشجاعة الرئيس فرحات عباس في الكفاح الذي خاضه دون هوادة منذ 1919 إلى غاية استقلال بلادنا في سبيل تحرير الجزائر من نير الإستعمار. ففرحات عباس، من خلال نشاطه في صفوف رابطة الطلبة المسلمين لشمال إفريقيا في العشرينيات إلى...
قراءة الكل
إنَ إعادة نشر كتاب ’الليل الإستماري’ من قبل المؤسسة الوطنية للنشر والغشهار هي اولا وقبل كل شيئ تحية مستحقة لإصرار وشجاعة الرئيس فرحات عباس في الكفاح الذي خاضه دون هوادة منذ 1919 إلى غاية استقلال بلادنا في سبيل تحرير الجزائر من نير الإستعمار. ففرحات عباس، من خلال نشاطه في صفوف رابطة الطلبة المسلمين لشمال إفريقيا في العشرينيات إلى غاية توليه رئاسة الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية ما بين 1958 و 1961، مروراَ بالدور الذي اضطلع به في صياغة بيان الشعب الجزائري عام 1943 وسم بميسمه الكفاح الضاري الذي خاضه الشعب الجزائري من أجل انبعاثه الوطني. يمثل فرحات عباس في الهيكلة الثلاثية الجديدة للساحة السياسية الوطنية التي ظهرت خلال النصف الثاني من العشرينيات بعد تشكيل ساحة سياسية موحدة لم تدم طويلا من طرف الأمير خالد حول شخصيته القيادية يمثل جانبا من الموروث الخالدي، جانب مواصلة الحوار مع الدولة الفرنسية على أساس المطالبة بـ ’المساواة في الحقوق’ بينما كان مصالي الحاج ينهج نهج القطيعةمع الإستعمار والمطالبة بالإستقلال، وكان الشيخ عبد الحميد بن باديس المتكفل الأساسي بالحفاظ على الهوية الإسلامية للأمة الجزائرية وتجديدها. ولما كان كتاب ’الليل الإستعماري’ يصف نفسه صراحة بأنه نقد ذاتي متبصر وقاس لاستراتيجية الحوار التي انتهجها المؤلف بمثابرة وثبات إلى غاية اندلاع حرب التحرير الوطنية فقراءته تعطي مصداف ذلك. والحال –وفرحات عباس يعترف بذلك مراراً- أن مواصلة الحوار على امتداد عقود ثلاثة مع الدولة الفرنسية للحصول على ’ المساواة في الحقوق’ لم تجد نفعاً فيما يتعلق بإصلاح النظام الإستعماري إصلاحاً فعلياً...ففرحات عباس يقول بصراحة فجة، إن الإستعمار لا يمكنه أن يكون مطية نحو التحديث: ’ إن الثقافة والعلم والتقنية وتكوين الإطارات والحس بالمسؤولية ليست سلعاً للتصدير. إنه ينبغي إقصاء العالم المستعمر منها’. بل إنه في جوهره مسار عنيف لإزالة الحضارة: ’إن النظام الإستعماري، المولود من رحم العنف والتعسف، يقوم ليدوم باستمرارالتعسف والظلم. وهو بطبيعته لا يتراجع ولا يتقهقر إلا أمام العنف.’ (مقطع من تصدير رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة).