عودة بنا إلى عهد الشباب في ميادين البحث والدرس والتذوق، حيث كنا نصاحب الشعر ونجالس الشعراء بما غرسته أصابع البغي والضلال في نفوسنا، من جهل بحقيقة هذا الفن وأصحابه. إنها عودة تمسح النزعات الغاوية المتبعة لخطوات الشياطين، وتضع معالم التحرير من ربقة الغزو الاستعماري الخبيث، ومن البلبلات العارمة التي انحرفت بنا عن جادة الصواب في الن...
قراءة الكل
عودة بنا إلى عهد الشباب في ميادين البحث والدرس والتذوق، حيث كنا نصاحب الشعر ونجالس الشعراء بما غرسته أصابع البغي والضلال في نفوسنا، من جهل بحقيقة هذا الفن وأصحابه. إنها عودة تمسح النزعات الغاوية المتبعة لخطوات الشياطين، وتضع معالم التحرير من ربقة الغزو الاستعماري الخبيث، ومن البلبلات العارمة التي انحرفت بنا عن جادة الصواب في النظر إلى الفنون. وفي التعامل معها بما يناسب كلا منها، لإصلاح مسيرة الحياة ومهمة الإنسان في هذا الوجود.نقف الآن لنرجع النظر في وظيفة فن القول، ونقضي بضع ساعات "مع الشعر والشعراء"، نتملى النصوص والشخصيات بروح الناقد المتبصر، لرسم حقيقة المهام المناطة والغايات المستهدفة والخدمات التي تحققت من خلال ذلك، وهنا نتناول موضوعات شعرية كان لها انطباعات وهمية من توجيه الدرس الأدبي الغارق في بحار الضياع. نتناول للنظر فيها من زاوية واعية للحقيقة والخير والجمال.فتوظيف الماء في الشعر الخليجي يندي التكوين الفني وعناصر الفكر والخيال والانفعال، وشعر الحرب يجلي طغيان الوجدان وهمجية الإنسان قبل أن يهذبهما نداء السماء بالوحي الكريم، والحجاج تتضح معالم شخصيته الفنية وتنبسط حقائق تصرفاته ومنزلته في التاريخ، وعمر ابن أبي ربيعة يتمثل فناناً يصطنع الغزل ليتصدى تاريخه بألوان من الوجوه المختلفة اللامعة، والمعري يطوع الشعر لنظرات فلسفية واجتماعية ناقذة تعالج مشكلات الوجود والحياة والإنسان، والبهاء زهير يخوض عمار السياسة ليقدم ما يخلد صنيع العظماء.كل هذا عالجناه بالنهج العلمي يعتمد النصوص والواقع الحيوي للشعر والشعراء في حضارة العروبة والإسلام، فخلصنا منه إلى تفنيد مزاعم المبهورين بأباطيل الغزو الثقافي، مع توضيح قصور نظرهم وضعف أدواتهم في دراسة فن القول ونقده والتاريخ له. فلقد أنزلقوا إلى دوامة الاستغراب، يرتطمون بجدرانها دون بصيرة، وجرجرونا وراءهم في المتاهات الضائعة، ثم إن لنا أن تبصرنا الحقائق وأعطينا الشعر والشعراء والدارسين لذالك منزلة واقعية تناسب وظيفة الفن ومقاصدهم ودراسته.