يعد التدريس فناً له أصوله وطرقه شأنه في ذلك شأن المهن الأخرى، كما أن مهنة التدريس تعد من أعقد المهن، لأن المعلم يتعامل مع طلبة ذوي طبيعة إنسانية معقدة، ولا نستطيع أن نتصور أن يقوم أحد بممارسة مهنة التدريس بنجاح وفاعلية دون فهم الجوانب الأساسية التي تؤثر في المتعلم وفي قدرته على اكتساب المعرفة العلمية. والمعلم الذي يعي حقيقة التد...
قراءة الكل
يعد التدريس فناً له أصوله وطرقه شأنه في ذلك شأن المهن الأخرى، كما أن مهنة التدريس تعد من أعقد المهن، لأن المعلم يتعامل مع طلبة ذوي طبيعة إنسانية معقدة، ولا نستطيع أن نتصور أن يقوم أحد بممارسة مهنة التدريس بنجاح وفاعلية دون فهم الجوانب الأساسية التي تؤثر في المتعلم وفي قدرته على اكتساب المعرفة العلمية. والمعلم الذي يعي حقيقة التدريس لا بد أن يمتلك من المعرفة والسمات الشخصية التي تؤهله للقيام بعمله على أكمل وجه، فلا يستطيع أن يكون ناجحاً دون فهم لطبيعة عملية التعلم ودون معرفة الطرق التي يستطيع بها أن يوجه النشاط التعليمي داخل حجرة الصف وخارجها. كما أن تسارع التقدم والتطور وما صاحب ذلك من انفجار معرفة طال جميع التخصصات؛ أصبح من الضروري الاهتمام بالتعليم القائم على استخدام الأساليب التربوية الحديثة؛ والتقنيات المعاصرة، تمشياً مع التقدم العلمي والتطور الإنساني، والذي يتعدى مجرد استظهار الطالب للمعلومات إلى استخدامها وتوظيفها في مواقف جديدة. لقد طرأ تغير كبير على فلسفة التدريس حديثاً عما كانت عليه في السابق، وذلك لما تتسم به طبيعة هذه المرحلة من سرعة في التغير والتطور التكنولوجي، بحيث أصبحت تقوم على عدة مرتكزات، منها: تهيئة الطالب لممارسة عمليات ومهارات فكرية ويدوية مختلفة، تعينه على الابتكار والتنبؤ، وتكسبه القدرة على اتخاذ القرار وحل المشكلات، والتأكيد على الدور الإيجابي للطالب في العملية التعليمية، فهو الذي يسأل ويبحث ويكتشف ويجري التجارب ويمارس العمليات العقلية، واعتبار ممارسته لمهارات التفكير هو الهدف من التجريب، وليس نجاح التجربة أو فشلها. ويزداد الاهتمام يوماً بعد يوم بأهمية تحسين وتطوير طرائق التدريس، وذلك من خلال استخدام استراتيجيات تدريسية تثير في المتعلم حب الاستطلاع، وتسهم في تنمية التعلم الذاتي، وتحقق تقدماً في استيعاب المفاهيم العلمية، بعيداً عن الأسلوب التقليدي الذي يظهر المتعلم كمستقبل للمعرفة وعنصر سلبي غير فاعل. ويشير الأدب التربوي إلى تنامي الآراء الداعية للتدريس من أجل رفع سوية التفكير عند الطلبة وتنمية قدراتهم العقلية، وإتاحة فرصة أكبر أمامهم لممارسة مهارات التفكير. وبذلك نقدم الطبعة الأولى من كتاب طرائق التدريس العامة (معالجة تطبيقية معاصرة) لطلبة كليات التربية والمعلمين في العالم العربي، ولقد حرصنا على أن يكون واضحاً ومتسلسلاً في أفكاره ومرتبطاً بالمواضيع الدراسية التي تقدم لأبنائنا الطلبة في المراحل الدراسية المختلفة، كما تضمن الكتاب العديد من التطبيقات والأنشطة لدروس مختلفة من أجل المساهمة في إعداد المعلم العربي وتدريبه ليواكب مستجدات هذا العصر، ويرقى بنفسه ومجتمعه إلى مستوى ترضاه الأمة لنفسها بين باقي الأمم