يمتاز هذا الكتاب (دواني القطوف في تاريخ بني المعلوف) بسرده للأسر، التي سكنت سورية ولبنان وفلسطين والأردن، ويشمل تاريخ هجرة بعضها من اليمن مسقط رأسها، ويهتم بشكل أساسي بأسرة آل المعلوف، التي جاءت من اليمن والتي تنتسب إلى أبو اليمن قحطان، ومن ثم سكنت حوران، ومنها انتشرت في لبنان وفلسطين والأردن، وهاجر بعض أبنائها إلى العالم الجديد...
قراءة الكل
يمتاز هذا الكتاب (دواني القطوف في تاريخ بني المعلوف) بسرده للأسر، التي سكنت سورية ولبنان وفلسطين والأردن، ويشمل تاريخ هجرة بعضها من اليمن مسقط رأسها، ويهتم بشكل أساسي بأسرة آل المعلوف، التي جاءت من اليمن والتي تنتسب إلى أبو اليمن قحطان، ومن ثم سكنت حوران، ومنها انتشرت في لبنان وفلسطين والأردن، وهاجر بعض أبنائها إلى العالم الجديد وأستراليا، وبنت لنفسها هناك تاريخاً، ما زالت تذكر مزاياه إلى يومنا هذا. وهو أيضاً كتاب يشمل جغرافية هذه المنطقة، وهواءها وماءها وتربتها، وأسماء المدن والقرى، وأصل تسميتها. وهو أيضاً يسهم في تسليط الضوء على تواريخ المواقع والأحداث التي حصلت في تلك المنطقة بدقة.إذاً، فالهدف من هذه الدراسة التي أعدها عيسى المعلوف، إظهار الأصل الواحد للعائلة المعلوفية ولمعظم العائلات اللبنانية، التي قدمت إلى لبنان منذ مئات السنين. وهذا يدلنا على المحاولة الجادة من الدراسة التي تبين بوضوح تلك الهجرات القديمة من اليمن إلى حوارن ومن ثم إلى لبنان. الهدف هو ربط خيط التواصل الأسروي بالدرجة الأولى، ومن ثم التعريف بأصول العائلات اللبنانية والسورية وترابطها مع بعضها البعض في هذا النسيج السوري العريق.هذا ولم يقف عيسى المعلوف عند ذكر نسب عائلته ومسقط رأسها (حوران) ثم وصلها إلى لبنان، بل تعدى ذلك إلى سرد تاريخ أسر لبنان والحوادث التي مرت عليه والمواقع التي جرت على أرضه، ولا ينسى أن يعود إلى أصول العوائل (الأسر) التي يذكرها، ومن ثم يعرض هجرتها من موطنها الأصلي إلى لبنان وغيره. فمثلاً حين يمر ذكر آل علم الدين يقول: "أصلهم من آل تنوخ من سلالة ماء المساء اللخمي. كانوا قيسيين ولكن علم الدين بن سليمان تبرأ من أنسبائه سنة 1301 وصار يمنياً" ويذكر أسرة شباط: "أصلها من القدس الشريف من الطائفة الأرثوذكسية.. انتقل بنوها إلى صيدا وعرفوا باسم شباط ونزح من هذه نفر إلى دمشق وهم فيها إلى اليوم..". ثم ذكر المؤلف المشهورين من كل عائلة، وما تملكه من أراض وإقطاعات ومناصب لدى الحكومة العثمانية، وعلاقات هذه الأسرة مع الأسر الأخرى ومنهم بني المعلوف.والجميل أن المؤلف قد حاول البحث في تاريخ سورية ولبنان غير معتمد على مجرد الرواية وغير واثق بصحة النقل، بل كان يقيس الحوادث بأشباهها، ويعرض الروايات على أصولها، ويستقرئ جميع دقائقها وأطرافها، ولذلك فقد جاءت المرويات "مؤيدة بالبراهين اعتماداً على ما اشتهر من الأسانيد وذهاباً إلى التحقيق والتثبيت". وقد بالغ المؤلف -كما يقول- في التمحيص والتدقيق ولا دليل له إلا قديم المخطوطات، فاقتطف مما جمعه هذه المواضيع "بعبارة ليست من الغريب الحواشي الذي تنبو عنه الأسماع، ولا من الركيك المبتذل الذي تنفر منه الطباع".ولما كانت حوران منشأ معظم الأسر اللبنانية، فقد صدر المؤلف بها (دواني القطوف في تاريخ بني المعلوف) وتطرق إلى تاريخ سورية ولبنان وفلسطين، ووقائعها وأصول سكانها وعاداتهم وأخلاقهم "مسترسلاً إلى تواريخ أهم الأسر وفروعها ومشاهيرها، سواء كانت ممن نشأ في حوران أو في غيرها"، وأضاف إلى ذلك تراجم مشاهيرها وحوادثها على ترتيب لم يسبق إليه، ولما "كان التاريخ أشبه بحدائق تغرس فيها الأشجار وتتهدل منها فروع دانية الثمار"، اختار المؤلف هذه التسمية (دواني القطوف).في الفرع الأول من الشجرة الأولى، يتحدث المؤلف عن جغرافية بلاد حوران القديمة، وهو يبدأ بشرح معنى اسم حوران فيقول: "حوران على الأصح من حور العبرانية، بمعنى المغارة والكهف، وقد سماها اليونانيون Anranitis ويسميها الإفرنج اليوم Hauran، ثم يعرض حدودها ومساحتها وطبيعة أرضها وتربتها وتبعيتها لدمشق. وفي القطوف التالية يبحث في الأقضية التابعة لها (عجلون، جبل حوران، بصر الحرير، درعة والقنيطرة)، ثم يبحث في طبيعتها (في هوائها ومائها، تربتها وصخورها، حيواناتها ونباتاتها وحاصلاتها ومعادنها). وفي الفرع الرابع يدرس سكانها الحاليين وعشائرهم، ثم لغتهم وأخلاقهم وعاداتهم وملابسهم.ومن لبنان، الموطن الحالي لبني المعلوف، بعد تركهم حوران، تبدأ الشجرة الثانية من (دواني) عيسى المعلوف. وفيها يتحدث عن موقع لبنان ثم اسمه ويقول إن اسم لبنان يعني الأبيض، وذلك لاشتعال قممه ببياض الثلج معظم أيام السنة. ثم يتطرق إلى وصفه على لسان المؤرخين والكتبة من العرب والإفرنج، وفي وصفه يقول رينان الفرنسي: "إن جبال لبنان أشبه بجبال الألب، ولكنها أبهج منظراً وأعطر رائحة من الألب". وفان دي فلد الهولندي يقول: "إنني لم أجد في البقاع التي طفتها مناظر جبلية جميلة متغيرة مع ضيق نطاقها مثل لبنان لا في جافة الخصيبة ولا في غابات بورينو الغنية ولا في سومطرة الجليلة ولا في سيلام المشبهة للجنة. وكذلك لم أجد في جبال أفريقية الجنوبية الجرداء ولا في غابات جزائر الهند الغربية كرؤوس جبال لبنان الغربية الجنوبية.. وبعبارة أخرى كل ما تشتهي العين أن تراه على سطح المعمور".