يقول المؤلف في مقدمة كتابه بأنه لم يكن يدر بباله تأليف كتاب عن بناء الثقافة، وذلك لكثرة من كتب حول هذا الموضوع عبر سنين طوال، إلا أنه وكلما تحدث مع كثير من المسلمين ممن لهم باع في العلوم الإسلامية أو من طلبة علومه على وجه الخصوص في مواضيع ثقافية مختلفة، بدا له بعض القصور في النظرة الشمولية للثقافة، ومما ينتج عن ذلك من آثار وسلوك...
قراءة الكل
يقول المؤلف في مقدمة كتابه بأنه لم يكن يدر بباله تأليف كتاب عن بناء الثقافة، وذلك لكثرة من كتب حول هذا الموضوع عبر سنين طوال، إلا أنه وكلما تحدث مع كثير من المسلمين ممن لهم باع في العلوم الإسلامية أو من طلبة علومه على وجه الخصوص في مواضيع ثقافية مختلفة، بدا له بعض القصور في النظرة الشمولية للثقافة، ومما ينتج عن ذلك من آثار وسلوكيات لا تُقبل من الإنسان المسلم الواعي المتحضر، والذي يسعى للاستخلاف في الأرض. كان المؤلف يناقش البعض في مسائل متنوعة فيجد الشقة التي بينهم وبين أساسيات العلوم الشرعية، ونظرتهم الأحادية للثقافات المختلفة، مما أكسبهم جموداً في العقل، وغروراً بالنفس، وحصراً للعلم، وتقنيناً خاصاً لنصوص الشرع، وتعظيماً لبعض الأشخاص. استهانة بكثير من رواد الثقافة والفكر والمعرفة في الأمة.فلم يقرؤوا مقاصد الشاطبي في الموافقات، ولم يلتفتوا إلى درجات الحاجيات والضروريات عند ابن القيم في إعلام الموقعين، ولا إلى اجتهادات ابن تيمية في المجموع، ولم يدركوا واقعية الحنفية في بعض المسائل المستجدات، ولا إلى عجائب المالكية في باب الحاجيات، ولا إلى فقه الشافعية القديم والجديد، ولا إلى روايات أحمد المختلفات. وجمعوا مع هذا وذاك ضعفاً في اللغة العربية، وغفلة في فقه الواقع الحقيقي للأمة. وجموداً في فهم النصوص الشرعية، فنشبت بسببهم معارك ضاريات، وصارت الجزئيات كليات، والاختلاف في الفرعيات من البدع الشنيعات، وصنفوا أصحاب الآراء المخالفة لهم والتي لم توافق أهواءهم إلى أرباب جماعات وحزبيات فضلّوا وأضلّوا، وحولوا الفقه الذي يعني المهم إلى القصم، وجعلوا قراءتهم في متنٍ مذهبي فيصلاً في الحكم على آراء المجامع الفقهية، ومجالس الفتيا للأقليات الإسلامية في العالم!ونشأت كذلك وللأسف طائفة غاظها هذا الحميم المستعر، والفكر المتجدد، فأخذوا من النصوص بعضها، ومن الأقوال أيسرها، ومن الروايات أخفها، يرون بذلك مسايرة الواقع، والمواكبة للعصر، فثقلت لديهم العزائم، وضيعوا الكثير من السنن والآداب والمكارم. والأمر في هذا الوسط والاعتدال، مع العمق والفهم، ولن يوضح ذلك إلاّ ربّانيون أولو هدي ورشد، جمعوا بين حفظ النصوص وفهمها، وبين معرفة المقاصد العامة والمستجدات المعاصرة، وعرفوا لأهل العلم حقهم، فناقشوا الفرعيات في ضوء الفرعيات، وناقشوا الكليات على قدر الكليات، وكان غاية مدادهم أن يتفكروا ويعلّموا ويعملوا بما عملوا. وليس مقصود المؤلف في هذا كله الاتهام لأحد معين، أو انتقاصاً من مجموعة محدودة، وإنما هي الشهادة لكثير ممن شاهدهم في مشارف الأرض ومغاربها، وشكوى كثير من الدعاة والعلماء في أنحاء العالم، ومما لا شك فيه أن الزمان ظهر فيه شيء من التغيير، حيث بدأت طائفة من الدعاة وأهل العلم تدرس العلوم الشرعية المتكاملة بفهم وبصيرة، وتتنزل للساحة بدور متقن، وبأسلوب حضاري متميز.من أجل هذا كله كان جهد المؤلف هذا لمبتغى الثقافة والمعرفة، والذي استشار فيه عدد من أهل العلم والاختصاص كلٌّ في مجاله، بهدف إخراج المادة بأفضل صورة، وبأسلوب حضاري متميز، وبهدف الإرشاد لبناء ثقافة شخصية في كل من العلوم التالية: التفسير، علوم القرآن، القراءات، الأدب، الإدارة.والمؤلف هو د.علي بن حمزة العمري حائز على الدكتوراه في الفقه المقارن بتقدير امتياز والمشرف العام على شبكة الأمة أون لاين والمشرف على معهد مكة المكرمة بجدة، والمدير في مركز الشباب للدراسات والبحوث في البحرين، والأمين العام لرابطة الفن الإسلامي العالمية، والأمين العام لجائزة الشباب العالمية لخدمة العمل الإسلامي، والإمام الخطيب في جامع سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز بجدة، وأخيراً الحاصل على إجازات هي: القرآن الكريم، الحديث، مصطلح الحديث.